القرآن الكريم القرآن الكريم
المصاحف الكاملة

آخر الأخبار

المصاحف الكاملة
المصاحف الكاملة
جاري التحميل ...

الزلزال ..عبرة وعظة { وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } الجزء الاول

نصيحة حول الزلازل
العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بهداه ،  أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى حكيم عليم فيما يقضيه ويقدره ، كما أنه حكيم عليم فيما شرعه وأمر به وهو سبحانه يخلق ما يشاء من الآيات ، ويقدرها تخويفا لعباده وتذكيرا لهم بما يجب عليهم من حقه وتحذيرا لهم من الشرك به ومخالفة أمره وارتكاب نهيه كما قال الله سبحانه : ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ) وقال عز وجل : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) وقال تعالى : (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ )الآية .
وروى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لما نزل قول الله تعالى قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بوجهك ، قال : أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال : أعوذ بوجهك وروى أبو الشيخ الأصبهاني عن مجاهد في تفسير هذه الآية : (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ )قال : الصيحة والحجارة والريح . ( أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ )قال : الرجفة والخسف .
ولا شك أن ما حصل من الزلازل في هذه الأيام في جهات كثيرة هو من جملة الآيات التي يخوف الله بها سبحانه عباده . وكل ما يحدث في الوجود من الزلازل وغيرها مما يضر العباد ويسبب لهم أنواعا من الأذى ، كله بأسباب الشرك والمعاصي ، كما قال الله عز وجل : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) وقال تعالى : (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )وقال تعالى عن الأمم الماضية : (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )

فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين وغيرهم ، التوبة إلى الله سبحانه ، والاستقامة على دينه ، والحذر من كل ما نهى عنه من الشرك والمعاصي ، حتى تحصل لهم العافية والنجاة في الدنيا والآخرة من جميع الشرور ، وحتى يدفع الله عنهم كل بلاء ، ويمنحهم كل خير كما قال سبحانه : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )وقال تعالى في أهل الكتاب : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ )وقال تعالى : ( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - ما نصه : (وقد يأذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام ، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية ، والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه ، والندم كما قال بعض السلف ، وقد زلزلت الأرض : (إن ربكم يستعتبكم) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد زلزلت المدينة ، فخطبهم ووعظهم . ، وقال : (لئن عادت لا أساكنكم فيها) انتهى كلامه رحمه الله .
والآثار في هذا المقام عن السلف كثيرة .
فالواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفياضانات البدار بالتوبة إلى الله سبحانه ، والضراعة إليه وسؤاله العافية ، والإكثار من ذكره واستغفاره كما قال صلى الله عليه وسلم عند الكسوف : (فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره )
ويستحب أيضا رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ارحموا ترحموا ) ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )وقوله صلى الله عليه وسلم : (من لا يرحم لا يرحم )
وروي عن عمر بن عبد لعزيز رحمه الله أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدعوا .

نشرت في الصحف المحلية في 13/7/1416هـ منها : الرياض - والجزيرة - والمدينة - وعكاظ .


الزلزال ..عبرة وعظة
فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله الهبدان

لا تزال نذر الله تعالى على عباده تتابع ، تلك النذر والآيات التي تأتي بصور عديدة وأشكال متنوعة فتارة عبر رياح مدمرة ، وتارة عبر فيضانات مهلكة ، وتارة عبر حروب طاحنة ، وتارة عبر زلازل مروعة ..ولقد حدث في الأيام الماضية زلزال عظيم دمر الكثير من العمران ،فكم من عمارة شاهقة سقطت على من فيها ؟! وكم من منازل تهدمت على أصحابها ؟! هلك فيه ألوف من البشر وصل العدد بالأمس أكثر من أربعة ألف قتيل ، وشرد فيه خلق كثير ، وذلك كله في دقائق !! (( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ )) .
إن هذه الزلازل ما هي إلا عقوبة من الجبار جل جلاله على ما يرتكبه العباد من الإعراض عنه سبحانه وعن العمل بدينه وارتكاب محارمه والمجاهرة بها بدون حياء من الجبار ولا وجل من القاهر ..إنها آيات لأولي الألباب ودلالة على قدرة الله الباهرة ، حيث يأذن الله جل جلاله لهذه الأرض أن تتحرك بضع ثوان أو دقائق فينتج عن ذلك هذا الدمار العظيم ، وهذا الهلاك الفاجع ،الذي قد يروح ضحيته أكثر من ثمانمائة ألف قتيل كما حدث في شانكي بالصين في عام 1556م [1]…إن هذا كله وما يحدث من الرعب المجلجل للقلوب لعل الناس يعودون إلى ربهم ويتوبون إليه ويستغفرونه (( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً)).
إن عقوبة الله إذا نزلت شملت الصالح والطالح ، الصغير والكبير ، الذكر والأنثى على حد سواء ثم يبعثون على نياتهم روى الإمام أحمد من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده ، فقلت يا رسول الله ، أما فيهم يومئذ أناس صالحون ؟ قال : بلى ، قلت : كيف يصنع بأولئك ؟ قال : يصيبهم ما أصاب الناس ، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان ) [2]
من يتأمل وضع بعض البلاد  يجد ما يندى له الجبين من البعد عن الدين وتعاليمه فأحكام الشرع مستبعدة عن تطبقيها على واقع الناس ، أضف إلى ذلك ما يحدث من الأمور الشركية المنتشرة في أنحاء العالم الإسلامي.
يقول الله جل جلاله مبينا أن هذه المصائب التي تحل بالعباد ما هي إلا بسبب ذنوبهم ومعاصيهم : (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)) وقال جل شأنه : (( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )) وقال جل شأنه عن الأمم الماضية : (( فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) .
قال العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ : ( وقد يأذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان فتحدث فيها الزلازل العظام فيحدث من ذلك الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه والندم ، كما قال بعض السلف وقد زلزلت الأرض ..: ( إن ربكم يستعتبكم ) وذكر الإمام أحمد عن صفية قالت : ( زلزلت المدينة على عهد عمر فقال : أيها الناس ، ما هذا ؟ ما أسرع ما أحدثتم . لئن عادت لا تجدوني فيها ) و ذكر ابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك : ( أنه دخل على عائشة هو ورجل آخر ، فقال لها الرجل : يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة ؟ فقالت : إذا استباحوا الزنا ، وشربوا الخمور ، وضربوا بالمعازف ، غار الله عز وجل في سمائه ، فقال للأرض : تزلزلي بهم ، فإن تابوا ونزعوا ، وإلا أهدمها عليهم ، قال : يا أم المؤمنين ، أعذابا لهم ؟ قالت : بل موعظة ورحمة للمؤمنين ، ونكالاً وعذاباً وسخطاً على الكافرين ..) [3]
ولقد وضح صلى الله عليه وسلم أسباب هذه الزلازل فقال فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا اتخذ الفيء دولا ، والأمانة مغنما ، والزكاة مغرما ، وتعلم لغير الدين ، وأطاع الرجل امرأته ، وعق أمه ، وأدنى صديقه ، وأقصى أباه ، وظهرت الأصوات في المساجد ، وساد القبيلة فاسقهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل مخافة شره ، وظهرت القينات والمعازف ، وشربت الخمور ، ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع ) رواه الترمذي [4]
إذن هذه الزلازل من أشراط الساعة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن كثرتها في آخر الزمان فقال فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ويتقارب الزمان وتكثر الزلازل ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج " قيل وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : ( القتل القتل )) . وها أنتم ترون بأم أعيونكم كثرتها وتتابعها في هذا الزمن مصداقاً لقول نبينا صلى الله عليه وسلم

وتأبى نفوس أعرضت عن الله تعالى أن تتأخذ هذه الزلازل آية وعبرة ، وعظة ومذكر وتنسب هذه الزلازل إلى ظواهر طبيعية ولها أسباب معروفة ولا علاقة لها بأفعال الناس ومعاصيهم ويقولون كما قال من سار على دربهم ممن سبقهم : (( قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ )) فيعتبرون ذلك حالة طبيعية وليست عقوبة إلهية ، مما يجعلهم يتمادون في غيهم وفجورهم ويستمرون في عصيانهم وفسقهم فلا يتوبون إلى الله ولا يستغفرونه .
ونقول لهؤلاء : إن الله جل جلاله بين أن هذه الزلازل كغيرها من آيات الله يخوف الله بها عباده ليقلعوا عن ذنوبهم ويرجعوا إلى ربهم ، وكونها تقع للأسباب معروفة لا يخرجها عن كونها مقدرة من الله تعالى على العباد لذنوبهم فهو مسبب الأسباب ، وخالف السبب والمسبّب ((اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)) (الزمر:62) فإذا أراد الله شيئا أوجد سببه ورتب عليه نتيجته ، كما قال تعالى : (( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً)) (الاسراء:16)) .
فاتقوا الله عباد الله واعتبروا بما يجري حولكم وتوبوا إلى ربكم وتذكروا قول الله جل جلاله : (( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)) (الأنعام:67,65,64) .
كتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار : ( أما بعد فإن هذا الرجف شيء يعاتب الله عز وجل به العباد ، وقد كتبت إلى سائر الأمصار أن يخرجوا في يوم كذا ، فمن كان عنده شيء فليتصدق به فإن الله عز وجل قال : (()قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)) وقولوا كما قال آدم : (( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وقولوا كما قال نوح : (( وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين )) وقولوا كما قال يونس : (( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )) [5]

أن ما وقع بالناس مما يكرهون فإنما هو من جراء ذنوبهم كما قال تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) (الروم:41).
نعم إن ما يحدث في الأرض اليوم من الزلازل المدمرة ، والحروب الطاحنة والفيضانات المهلكة التي يذهب فيها الأعداد الضخمة من البشر ..كل ذلك يحدث بسبب الذنوب والمعاصي كما قال الله تعالى : (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)) وقال سبحانه (( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) .

إن من يتأمل في مجريات حياتنا ، وفي واقعنا ومعاشنا فإنه سيصاب بالرعب الرهيب والفزع الشديد بسبب ما نراه من انتهاك حرمات الله وحدوده ، وتضيع وتفريط في أوامر الله تعالى وواجباته ..انظر إلى حال الناس في الصلاة ؟ كيف حالهم فيها ؟ وما مدى محافظتهم على الصلاة جماعة ؟ وكم الذين يواظبون على صلاة الفجر وصلاة العصر ؟
 وانظر إلى حال الناس مع أكل الربا والمبادرة إليه وحرصهم على المشاركة فيه ؟ ألم تنتشر بنوك الربا ؟ ألم تعلن الحرب على الله جل جلاله ؟ ألم تدعو إلى المساهمة فيها وبادر الناس إليها معرضين عن تهديد الله لهم (( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ )) .
ثم انظر إلى انتشار الرشوة بين الناس والتي لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي ، فما تقضى لك حاجة ، ولا ينجز لك عمل حتى تقدم مبلغاً من المال وإلا أصبحت معاملتك حبيست الأدراج ووضع في وجهك العراقيل .
وأشد من ذلك ما آل إليه حال النساء من تبرج وسفور إلى درجة عجيبة وبسرعة غريبة .
ومن المصائب العظام هجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم التواصي به والقيام بحقه ، والذي يعتبر بوابة أمان للمجتمع من عذاب الله تعالى ومكره .
ومن البلايا التي جمعت الشرور وفاقت غيرها ولم يفرح الشيطان بمثل ما فرح بها تلك الأطباق السوداء التي فعلت فعلها في الأمة من تضيع دينها ، وهتك أخلاقها ، حتى وصل الأمر ببعض مشاهدي تلك الأطباق أن يقع أحدهم على محارمه، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..تعرض مشاهد في الأطباق لو رآها الحجر لتحرك فكيف بشاب بمراهق في ريعان شبابه وقوة شهوته ؟ !! فما أحلم الله ..ما أحلم الله .. ما أحلم الله..ولكن الله جل جلاله يمهل ولا يهمل ..إننا والله نخشى أن تنزل علينا عقوبة الله بسبب أمننا من مكر الله تعالى وعقوبته (( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ)) (النحل:46,45) .

والله إنها لعظة وعبرة يأتيهم عذاب الله وهم نائمون ، آمنون ، وقبيل الفجر يأتيهم الزلزل (( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون ))  تصور نفسك في تلك اللحظات ما أنت صانع ؟ وما الذي يدور في خلدك ؟ وما الخواطر التي تمر بفؤادك ؟ لعلك رأيت تلك الطفلة الملقاة على الأرض وقد لقيت حتفها أتحب أن تكون هي ابنتك ؟ أو تلك المرأة التي انهدم عليها البناء أتود أن تكون تلك المرأة هي أمك ؟ هي زوجتك ؟ هي أختك ؟ هي بنتك ؟
إذن لم لا نتعظ بما يحدث لغيرنا ؟ لماذا لا نغير من واقعنا ؟ لماذا هذا الإصرار على معاصي الله تعالى والمجاهرة بها ؟ نرى بأم أعيننا الحوادث الممروعة ، والعقوبات المهلكة ولا نزال نصر على معصية الجبار جل جلاله ؟ هل بيننا وبين الله حسب أو نسب حتى نأمن من مكره وعقوبته ؟ وعذابه ونكاله ؟! ما الذي فعله ربنا حتى نعصيه ولا نطيعه ؟ ألم يخلقنا ؟ ألم يرزقنا ؟ ألم يعافنا في أموالنا وأبداننا ؟ أغرنا حلم الحليم ؟ أغرنا كرم الكريم ؟ (( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)) (لأعراف:99).
يا من تعصي الله !! عد إلى ربك واتق الله ..إن سلمت من عقوبته في الدنيا ، فإن أمامك أهوالا وصعابا ، إن أمامك نعيما أو عذابا ، إن أمامك مواقف موهولة ،و والله الذي لا إله غيره ولا رب سواه ، لن تنفعك الضحكات ، لن تنفعك الأغاني والمسلسلات ، والأمور التافهات ، لن تنفعك الصحف والمجلات ، لن ينفعك الأهل والأولاد ، لن ينفعك الإخوان والأصحاب ، لن تنفعك الأموال ، لن تنفعك إلا الحسنات والأعمال الصالحات .

فلا تغرنــكَ الـدنيا وزينَتُهــا   *** وانظر إلى فعلها في الأهلِ والوطـنِ
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمَعِهَا   *** هل راحَ منها بغيرِ الـزادِ والكـفنِ
يا نفسُ كفي عن العصيان واكتسبي    *** فـعـلا جـميلا لعلَّ اللهَ يرحمني [6]

فبادر يا رعاك الله إلى إعتاق نفسك من النار ، وأعلنها توبة صادقة من الآن ، وتأكد أنك لن تندم على ذلك أبدا ، بل إنك سوف تسعد بإذن الله ، وإياك إياك من التردد أو التأخر في ذلك فإني ورب الكعبة لك ناصح وعليك مشفق ..
---------------------
[1] انظر جريدة الرياض 8/5/1420هـ فقد ذكرت أسوأ الزلازل عبر التاريخ . [2] رواه أحمد (6/304) . [3] الجواب الكافي ص 87-88 بتصرف . [4] رواه الترمذي (2211) وقال :وفي الباب عن علي وهذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . [5] الجواب الكافي ص88 . [6] مورد الظمآن (3/496)
المصدر : شبكة نور الإسلام
http://alhabdan.islamlight.net/


موقف المسلم من الكوارث

الأولى

أما بعد: يها المسلمون
ـــ إن هذه الأرض، التي نعيش عليها، من نعم الله الكبرى علينا، فإن الله سبحانه وتعالى قد مكننا من هذه الأرض، نعيش على ظهرها، وندفن موتانا في باطنها، قال تعالى: { أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً *أَحْيَاء وَأَمْواتاً } [المرسلات:25، 26]، وقال تعالى: { مِنْهَا خَلَقْنَـاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } [طه:55 ، وقال: { هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } [الملك:15]، والآيات في هذا كثيرة.

ـــ ومن رحمته عز و جل ّ أن أودع فى هذه الأرض كل ما يحتاجه الخلق الذين يعيشون على ظهرها، فبارك فيها وقدر فيها أقواتها. ثم سبحانه وتعالى جعلها ثابتة مستقرة لا تتحرك وأرساها بالجبال، حتى نتمكن من البناء عليها والعيش على ظهرها، وفي بعض الأحيان، يجعل الله عز وجل هذه الأرض، جنداً من جنوده، فتتحرك وتميد وتحصل الزلازل المدمرة، تخويفاً للعباد، وتأديباً للبعض الآخر، وما يعلم جنود ربك إلا هو، وما هي إلا ذكرى للبشر.

ـــ ولقد مرّ على العالم قبل أيام حدث عظيم يتعلق بهذا الكون الذي من حولنا وهو الزلزال العظيم الذي أصاب عدداً من البلاد, فخلّف عشرات الآلاف من القتلى ، وعشرات الآلاف من المفقودين, وملايين المشردين, ومليارات الخسائر المادية, ومازالت نتائجه مستمرة. والمسلم عندما تمر عليه مثل هذه الأحداث العظيمة وغيرها المتعلقة بالكون من حوله ينبغي أن تكون له وقفة تأمل واعتبار. ـ ـ وهذه الوقفة تنطلق من العقيدة التي رسخت في قلبه وانعكست على تصوراته للكون من حوله، وهذا هو المهم، أما أهل المناهج المادية الأرضية البحتة فإنهم ينطلقون من تصوراتهم المادية لمثل هذه الأحداث، والمسلم له منطلقاته التي يحكم بها حياته ، ونظرته إلى ما حوله من الأحداث ، فقلب المسلم معلق دائماً بالله، ما يرى من نعمة إلاّ ويعلم أنها من عند الله، وما يرى من مصيبة إلاّ ويعلم أنها بما كسبت يداه ويعفو عن كثير.

ــ ويعلم المسلم أن الكون ـ بإنسه وجنّه وسمائه وأرضه وكواكبه ونجومه ومخلوقاته ما علمنا منها وما لم نعلم ـ، إنما هي مسخرة بأمر الله يتصرف فيها كيف يشاء سبحانه، ولا معترض عليه.

ــ والمسلم بما يحمل من عقيدة التوحيد، يعلم أن الضر والنفع بيد الله، وأن ما يجري من زلازل وبراكين وأمطار وأعاصير ورياح وكسوف وخسوف إنما هي بقدر من الله لحكمة يريدها الله، علمها البشر أو غابت عنهم. ويعلم المسلم أيضاً أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الواجب علينا عند حلول المصائب الصبر والاحتساب وسرعة الرجوع والتوبة إلى الله .

ــ فالمسلم دائماً يتأثر قلبه بالآيات الكونية التي يراها ماثلة أمام عينيه، وهذه الآيات تذكره بالله وتحيي قلبه وتجدد الإيمان فيه، وتجعله متصلاً بالله ذاكراً له، شاكراً لنعمه، مستجيراً بالله من نقمته وسخطه.

ــ والزلازل من أشد الأسباب الطبيعية التي يقدرها الله تعالى تخويفاً لعباده كما قال تعالى: { وما نرسل بالآيات إلا تخويفا}{الإسراء: 59}. وقال تعالى: { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون }{الأنعام: 65}.

ــ والعذاب الذي يكو ن من فوق هو الصيحة أو الحجارة والذي من تحت هو الرجفة أي (الزلازل) والخسف كما قال مجاهد . ــ فإذا علم أن الزلازل الهائلة إنما تحدث بأمر ربها، بل وقد تكون من عذابه كما أهلك الله بها ثمود-قوم صالح عليه السلام ـ قال تعالى: { فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين }الأعراف: 77، 78 . ــ قال الشوكاني: "فأخذتهم الرجفة" أي الزلزلة .

ــ و من أشد الأسباب الطبيعية التي يقدرها الله تعالى تخويفاً لعباده الخسف وهو:أن يذهب جزء من القشرة الأرضية ويغيب في الأرض .

ــ كما قال تعالى: { أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون }{النحل: 45} وقال تعالى: { وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين * فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون }{العنكبوت: 39، 40}. وقال تعالى: { أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور }{الملك: 16}.

ــ عباد الله إن هذه الزلازل والكوارث من أوضح الدلالات على عظمة الجبار تعالى وضعف جبابرة الأرض مهما أوتوا من قوة.

ــ كيف لا تدل على عظمة الجبار وهي في بضع ثواني تهلك مئات الألوف من الناس. ولنا في زلازل حدثت العبرة والعظة .

ــ فقد وقع زلزال في العاصمة اليابانية راح ضحيته 142000 نسمة0 ــ ووقع زلزال في إحدى المدن الصينية راح ضحيته (500.000) نسمة0

ــ ووقع زلزال في إقليم جيلان بإيران راح ضحيته 40,000 نسمة0

ــ وقع زلزال في الهند راح ضحيته 30,000 . ــ ووقع زلزال في مدينة بام الإيرانية راح ضحيته 50,000 نسمة0

ــ أما الزلزال الأخير فقد راح ضحيته أكثر من 100،000 نسمه غير المفقودين .

ــ أيها الإخوة المؤمنون إذا كانت زلزلة ثوان عملت هذا كله فكيف بزلزلة يوم يجعل الولدان شيباً؟ ــ إنها زلزلة هائلة تخفض وترفع وترج الأرض رجاً وتبس الجبال بساً فتجعلها هباء منبثاً.

ــ إنها زلزلة ضخمة تتحول الجبال معها إلى عهن منفوش. وتصير الأرض قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً.

ــ إنها زلزلة مرعبة تُحمل فيها الأرض والجبال فتُدكان دكة واحدة. ــ إنها زلزلة مذهلة تنفض الأرض بسببها كل ما فيها نفضاً وتخرج أثقالها.

ــ وإذا نجونا من زلازل الدنيا فليس أحد منا بناج من زلزلة يوم القيامة فما أعددنا لها؟

ــ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْء عَظِيمٌ *يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَـارَى وَمَا هُم بِسُكَـارَى وَلَـكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:1-2].

نسأل الله أن يرزقنا الصبر عند المصائب و الاتعاظ بها ، إنه ولي ذلك والقادر عليه، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

=========

الثانية

أما بعد عباد الله

ـــ اتقوا الله تعالى وتفكروا في أحوالكم وما يجري من حولكم من العبر لعلكم تذكرون، إنكم في نعمة من الله تامة أمن في أوطانكم وصحة في أبدانكم ووفرة في أموالكم، وبصيرة في دينكم فماذا أديتم من شكر الله الواجب عليكم فإن الله وعد من شكره بالمزيد وتوعد من كفر بنعمته بالعذاب الشديد { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد }، إن الله سبحانه يري عباده من آياته ليعتبروا ويتوبوا، فالسعيد من تنبه وتاب، والشقي من غفل واستمر على المعاصي ولم ينتفع بالآيات.

ــ إن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يدلان على أن هذه الزلازل كغيرها من الكوارث إنما تصيب العباد بسبب ذنوبهم وكونها تقع لأسباب معروفة لا يخرجها عن كونها مقدرة من الله سبحانه على العباد لذنوبهم قال الله تعالى: { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } [الإسراء:16]. وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ)) فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَتَى ذَاكَ؟ قَال: ((إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ)) رواه الترمذي. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان خسف ومسخ وقذف، قالت: قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث)) رواه الترمذي .

ــ إن بلاداً من بلاد الله الواسعة، كانت قائمة شاخصة، فظلم سكانها أنفسهم، فحل بهم أمر الله وسنته { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَـاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ } [القصص:58]. لقد عمّ قوم نوح الغرق، وأهلكت عاداً الريح العقيم، وأخذت ثمود الصيحة، وقلبت على اللوطية ديارهم، فجعل الله عاليها سافلها، وأمطر عليها حجارة من سجيل، يقول الله تعالى { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت:40]، تلكم الذنوب، وتلكم عواقبها وما هي من الظالمين ببعيد. ما ظهرت المعاصي في ديار إلا أهلكتها، ولا فشت في أمة إلا أذلتها، ولا تخلخلت في دولة إلا أسقطتها. إنه ليس بين أحد وبين الله نسب، ولا يعني أن أقواماً أو مجتمعات لم يصبها شيء أنها على الاستقامة كلا، ولكن الله يمهل حتى يعتبر الناس ولا يهمل، والعقوبات الربانية تختلف فقد يكون زلزالاً وقد يكون حروباً وقد يكون تدهوراً في الإقتصاد وسوء للأوضاع المالية، وقد يكون غير ذلك.

ــ نسأل الله عز وجل، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. و أن يحفظ هذه البلاد، وجميع بلاد المسلمين من الزلازل والمحن، وسوء الفتنة ما ظهر منها وما بطن. كما نسأله عز وجل، أن يجعل، ما نرى وما نسمع، عبره لنا ولغيرنا، وأن يكون سبباً في رجوع المسلمين لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إنه سميع مجيب.

هذا وصلوا ................


ضحايا الزلزال ..إنها قوة الله
فضيلة الدكتور محمد بن عبدالعزيز المسند
 

أكثر من مئة ألف قتيل هم ضحايا الزلزال المدمّر الذي ضرب جنوب شرق آسيا، والحصيلة مرشّحة للازدياد...
سبحانك ربنا ما أعظمك.. سبحانك ربنا ما أحلمك.. سبحانك ربنا ما أعدلك ..
لقد تحدّثت جميع وسائل الإعلام عن هذا الحدث العظيم، وحلّلوا وعلّلوا.. وذكروا أسباباً عدّة، لكنّهم لم يذكروا السبب الرئيس لهذه الكارثة..

إنّ الله لا يظلم الناس شيئاً، ولكنّ الناس أنفسهم يظلمون.. لقد كان جزء كبير من المناطق المنكوبة منتجعات سياحية يأوي إليها السياح من كلّ مكان، فيتعرّون ويرقصون ويغنّون ويسكرون ويعربدون..

وفي العام الماضي أو الذي قبله، حصل تفجير في أحد هذه المنتجعات قتل فيه العديد من السياح، فكان هذا بمثابة إنذار مبكّر لهؤلاء القوم لو كانوا يعقلون، ـ وبصرف النظر عن الفاعل وحكم فعله، فإنّ الله يسلّط بعض عباده على بعض ـ لكنّ ذلك لم يزدهم إلا طغياناً، فقد تسلّطوا على عباد الله الصالحين وأوليائه المؤمنين، فاتهموهم بما هم منه براء، وسجنوهم وآذوهم، ولا يزال بعضهم رهن الاعتقال رغم عدم ثبوت إدانته، وعادت تلك المنتجعات إلى ما كانت عليه من الفجور والعربدة، فلعلّ الله ـ عزّ وجلّ ـ غار في سمائه، فقال للأرض تزلزلي...

ذكر ابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنّه دخل على عائشة هو ورجل، فقال لها الرجل: يا أمّ المؤمنين؛ حدّثينا عن الزلزلة، فقالت: ( إذا استباحوا الزنى، وشربوا الخمور، وضربوا بالمعازف؛ غار الله ـ عزّ وجلّ ـ في سمائه، فقال للأرض: تزلزلي بهم. فإن تابوا ونزعوا، وإلا هدمها عليهم . قال: يا أمّ المؤمنين؛ أعذاباً لهم؟ قالت: " بلى، موعظة ورحمة للمؤمنين، ونكالاً وعذاباً وسخطاً على الكافرين ). فقال أنس: ما سمعت حديثاً بعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنا أشدّ فرحاً منّي بهذا الحديث.

والآن هل عرفتم السبب؟

فإن قيل : فما ذنب النساء والأطفال ومن لم يشاركهم في فجورهم وعربدتهم؟! فالجواب قد نطق به رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، ففي الصحيحين عن أمّ المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ( يغزو جيش الكعبة؛ فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوّلهم وآخرهم"، قالت: قلت يا رسول الله، كيف يخسف بأوّلهم وآخرهم وفيهم أسواقهم، ومن ليس منهم؟!، قال: " يخسف بأوّلهم وآخرهم، ثمّ يبعثون على نيّاتهم". وفي حديث آخر قالت إحدى أمّهات المؤمنين: أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: " نعم، إذا كثر الخبث ). ولعلّ هذا هو السرّ في الأمر بالهجرة من ديار الكفر والفجور إلى دار الإسلام. والله المستعان.
 


وزلزل البحر ، فدمرت الأرض ، فهل من متعظ
مشاري العنزي

تعتبر الزلازل من أخطر الكوارث التي تهدد العالم لما تسببه من خسائر فادحة للأفراد والممتلكات، ومما يزيد من أخطارها حدوثها بشكل فجائي يحول دون اتخاذ الترتيبات الاحترازية الكافية من قبل الأفراد أو الجهات المعنية ذاتها.
وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي بدول العالم إلا أن محاولات التنبؤ بحدوث الزلازل أو الإنذار المبكر عنها لا تزال محدودة النتائج.
والزلازل تعتبر علامة من علامات الساعة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ ، وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ))
ففي كل حين نسمع في الأخبار أن زلزالاً وقع في بلد ، وزلزالاً وقع في بلد آخر ، وأن هذه الأخبار تتقارب ، وتتعاظم درجات هذه الزلازل ، وتودي بحياة بضع عشرات من الألوف ، وأن كثرتها وشدتها مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، إن هذه الزلازل من وظائفها أنها تعطينا معنى الزلزلة الكبرى ، التي أوعد الله بها ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } .
ويقول بعض العلماء الزلازل : هناك زلازل حدث في الصين ، في عام ألف وخمسمائة وستة وخمسين ، أودى بحياة ثمانمائة وثلاثين ألفاً في ثوانٍ ، وفي عام ألف و سبعمائة وسبعة وثلاثين حدث زلزال في الهند ، أودى بحياة مائة وثمانين ألفاً ، وفي عام ألف وتسعمائة وثلاثة وعشرين حدث زلزال في اليابان ، أودى بحياة مائة ألف ، وفي عام ألف وتسعمائة وستة وسبعين ، حدث زلزال في الصين ، أودى بحياة مائة ألف ، وحدث زلزال بإيطاليا أودى بحياة خمسة وثلاثين ألفاً ، ثوانٍ معدودة ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ }.
سألوا عالماً كبيراً من علماء الزلازل : هل يمكن بما أوتينا من علم متقدم ، أن نتنبأ بالزلزال قبل وقوعه ولو بربع ساعة ؟ قال : لا ، إلا أن حيوانات كثيرة في مقدمتها من يضرب المثل بغبائه يشعر بالزلزال قبل وقوعه بربع ساعة ذلك لأن هذه الحيوانات ليست مكلفة كالإنسان وليست مقصودة بالزلزال 0
ربما الحقائق العلمية الحديثة لا تخفى على علماء الجليوجيا في أسباب حدوث الزلازل ، ولكن ما أريد الإشارة إليه ويغفل عنه الكثير من الناس ، وهو أن هذا الزلزال هو جند من جنود الله عز وجل ، وبأمر من الله عز وجل محي مدينة بأكملها ، وكأنها لم تكن ، قال تعالى (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ )
لذلك تقف البشرية عاجزة أمام هذه الكوارث بالرغم ما توصلت إليه ، ليطلعهم الله عز وجل على مدى ضعفهم وقلة حيلتهم .
ولعل هذه الزلازل تذكرنا بمشاهد يوم القيامة التي وصفها الله عز وجل في سورة الزلزلة قال عزوجل : { إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا } ، زلزلت أيْ تحرَّكتْ تحرُّكًا شديدا ، واضطربت ، زلزالها : العظيم ، والكبير ، والأخير ، الذي ليس بعده زلزال ، وذلك عند قيام الساعة ، وما هذه الزلازل في الأرض إلا نماذج مصغرة ومحدودة {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} ، وهو الإنسان : المخلوق الأول الذي خلق لجنة عرضها السماوات والأرض ، لأنه قبل حمل الأمانة فسخر الله له ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ، وجعله خليفته في الأرض ، فإنْ سما عقله على شهوته كان فوق الملائكة ، وإنْ سمتْ شهوتُه على عقله كان دون الحيوان ، {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا} ، تعجباً وخوفاً ، {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ، ما عمله الإنسانُ على وجه الأرض من خير أو شر ، {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} ، أقْدَرَها على الكلام ، وأذِن لها فيه ، وأمرها به ، {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} ، فرادى ، متفرقين ، فلا تجمعات ، ولا تكتلات ،ولا تناصر على باطل ، ولا هيمنة ، ولا غطرسة ، ولا تعالي ، قال عزوجل : {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .
قال تعالى : {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} ، أيْ مقدار ذَرَّةٍ ، وهي الجزء الذي لا يتجزأ ، { خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} يجد جزاءه وعاقبته .
ولعل الإعجاز يتضح لنا جليا عندما يكون الزلزال بالبحر ، فمن عجائب البحر التي تدل على إدراكه وعبوديته لله جل وعلا أنه يعظم عليه أن يرى ابن آدم يعصي الله عز وجل مع حلم الله عليه فيتألم البحر لذلك ويتمنى هلاك عصاة بني آدم بل ويستأذن ربه في ذلك ، جاء في مسند الإمام أحمد فيما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس من ليلة إلا والبحر يشرق فيها ثلاث مرات يستأذن الله أن ينتضح عليهم ـ أي على العصاة ـ فيكفه الله بمنه وكرمه "، فلا إله إلا الله ، البحر يتمعر ، ويتمنى إغراق العصاة ، ويستطيع لكنه مأمور
وفي نفس الوقت ليعلم المسلمون بأن الله عز وجل قادر أن ينصرهم على أعدائهم بجند من جنوده ، وليس ذلك على الله بعزيز ، ولكن النصر عادة لا يأتي إلا بالمؤمنين ، فالملائكة نزلت ببدر على المؤمنين ، والريح أرسلها الله على المشركين يوم الخندق نصرة للمؤمنين ، فالنصر لا يأتي إلا إذا عاد المسلمين إلى دينهم ، نسأل الله أن يرد الله المسلمين إلى دينهم ردا جميلا ، 


الزلازل .. وغياب الحقيقة ؟!
إبراهيم بن صالح الدحيم

ليلة الأحد الماضي كانت مناطق واسعة من سواحل وجزر ثمان دول جنوبي وجنوبي شرقي آسيا تعيش ليلة هادئة ساكنة, البحر فيها يلقي بمده المعتاد .. وانتهت تلك الليلة بما فيها , والله أعلم بما فيها . حتى إذا تنفس الصبح تنفست الأرض بأمر الجبار , فأحدثت هزة عنيفة في قعر البحار مآجت بها المياه واليابسة , وذهبت على إثر ذلك سواحل واسعة وجزر بمن فيها ..
لقد كنت أتابع الحدث أولاً بأول فكنت أقرأ في اليوم الثاني أن الضحايا تجاوزت العشرين ألفاً وأقرأ مع ذلك أن هذا الزلزال يعتبر أعنف زلزال منذ أربعين عاماً , فكنت أتعجب كيف يكون أعظم زلزال ونحن لا زلنا نذكر زلزال بام (جنوب شرق إيران) الذي تجاوز ضحاياه الخمسين ألف ..ثم تبين لي الأمر مع مرور الأيام مع تزايد عدد الضحايا بصورة مفزعة حتى كان من آخر الإحصائيات أن عدد الضحايا تجاوز (120) ألف ولازال العدد قابلاً للزيادة في الأيام القادمة حتى قال أحد المعايشين للحادث هناك أن الأمر قد يحتاج إلى ثلاثة أسابيع حتى يمكن الإحاطة بالخسائر البشرية , زد على ذلك ملايين المشردين الذين يعيشون حالة من الفقر والجوع والمرض

إن الحادث بحق حادث مفزع جلل حرك البحار فارتفعت أمواجها إلى قرابة العشرين متر وتجاوبت لحركة البحار هناك بحار يفصلها عنها عشرات الآلاف من الكيلومترات , واهتزت لذلك جزر ودمرت بيوت وقصور وفنادق ومتنزهات سياحية , والله يقضي بالحق .
إنه حدث ضخم كبير وزلزال مدمر يجب أن يوقف معه وقفات تأمل واعتبار . إن وسائل الإعلام لو نطقت بالحق وأخبرتنا خبر تلك الليلة لسمعت ورأيت ما يشيب له رأسك , مما يجري في مراقص العهر وحانات الخمور وفنادق القمار مع أنها لا تخلو من ساجد وقائم وقانت , ويوم القيامة يبعثون على نياتهم وأعمالهم .
- إن هذا الحدث فرصة لتوجيه الناس إلى ربهم , وتبصيرهم بقدرة القادر وقهره وشديد بأسه وأليم عقابه وغيرته على محارمه وحدوده ؟‍! فهل قام الإعلام بهذا ؟!!
لقد قام الإعلام في كثير من قنواته وإذاعاته وصحفه ومجلاته بدوره المعتاد في تعتيم القضايا وتمييعها والميل بها عن أسبابها الحقيقية ومقدماتها المنطقية. لقد وقع الزلزال في بام في إيران فعللوا ذلك بأنها منطقة زلازل وكذا قالوا حين وقع الزلزال في المنطقة الغربية من تركيا والذي ذهب ضحيته آلاف القتلى ودمرت بسببه آلاف المنازل ، وارتفعت معه أمواج بحر مرمرة فابتلعت نادي الضباط البحري هناك في مرفأ (غولجوك) ...؟! وكادت أمواج بحر مرمرة تبتلع حتى الخبر من شدة التعتيم .
.. ولا تزال وسائل الأعلام اليوم تكرر على المستمع الكريم هذا التعليل العليل بأن الزلازل كوارث طبيعة .. وأن هذه الأرض منطقة زالازل ..و يسدل الستار على كل حادث مشابه وينتهي التعليق ؟!! ويتوجه بالمستمع والمشاهد إلى الجوانب الإغاثية - وهي حق ندعو إليها- .

لكن الشيء الذي نستهجنه هو التفسير المادي للأحداث مع تنحية النظرة الشرعية والسنن الإلهية في الأفراد والمجتمعات .
أن أصاحب النظرة المادية قد أصيبوا بنوع هوسٍ من شدة إغراقهم في هذه النظرة , حتى إني أظن أن أحداً منهم لو عايش قارون وهو يخسف به وبداره الأرض لقال وبكل وقاحة وسذاجة : إن قارون قد ابتنى بيته على فوهة بركان ميت أو بحث عن تعليل عليل آخر ...!!
إن علماء الأرض كشفوا في دراساتهم عن أنماط غير منتظمة ومحيرة من الزلازل , لقد كشفت سلسلة الخنادق التي حفرت على امتداد خط تصدع ( سان أندرياس ) عن أنماط غير منتظمة ومحيرة من الزلازل , فقد كان هناك ثلاث زلازل خلال السنوات بين 671و797م ثم حدث انقطاع تام لمدة قرنين , وبعد ذلك حدثت ثلاث زلازل خلال السنوات 997 و1100م وبعدها لم يسجل شيء لمدت 246سنة تلا ذلك زلزالان في عامي 1346 و1480فجاء بعدهما ثلاث قرون من عدم النشاط إلى أن بدأت الانفجارات العنيفة مرة أخرى بين السنوات 1812 و1857م ...

إن شيئاً من التفسير المادي الذي يعتمد على الدراسة والبحث , قد يكون صائباً في بيان سبب الزلزال , لكن السؤال الذي يجب على وسائل الإعلام وعلى غيرها أن تطرحه هو : بأمر من يحدث الزلزال ؟ ومتى يحدث ؟ وكيف يحدث ...؟! { قل إن الأمر كله لله . }
- إن العلم الحديث قد يكشف شيئاً من أسباب الزلازل السابقة , لكنه يبقى عاجزاً عن معرفة بعض الأسباب لزلازل جديدة ويبقى العالم بكل ما أوتي من قوة عاجز عن تلافيها ودفع أضرارها { والله يحكم لا معقب لحكمه }.
إن الزلازل آية من آيات الله يخوف الله بها عباده , ينتظر من القلوب أن تحيا عند وقوعها لا أن تموت , ومن النفوس أن تستنير لا أن تطاول في العمى وتصر على الغي واتباع الهوى .

وتكون المصائب نعمة وتنقلب المحنة منحة حين يستفاد منها في توجيه الناس إلى الله واستدراك أيامهم بالتوبة قبل أن يقطع دونها
لك الحمد إن الرزايا عطايا *** وإن المصيباتِ بعضُ الكرم
لقد وقع الزلزال وفي بعض المناطق حفلات صاخبة وليالٍ حمراء طمرتها التقمها الطوفان , وابتلعتها الأرض ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) ومن رحمة الله أن هذا الزلزال لم يكن في الصيف ؟! وإلا لرأيت المصاب يمتد إلى دول إسلامية وعربية كثيرة قد امتلأت بهم مناطق السياحة هناك ...

- إن الأصل في المؤمن أن يكون مرهف الحس لمثل هذه الأحوال المخيفة والأمور المهيبة .وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا هبت الريح الشديدة عرف ذلك في وجهه صلى الله عليه وسلم , وحين ينعقد الغمام في السماء ويكون السحاب ركاماً بعضه فوق بعض ترى النبي صلى الله عليه وسلم يُقبل ويدبر ويدخل البيت ويخرج والهم يعلو محياه , فتقول عائشة مالك: يا رسول الله . فيقول : ما يؤمنني أن يكون عذاباً إن قوماً رأو ذلك فقالوا: هذا عارضٌ ممطرنا . فقال الله : { بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم }حتى إذا نزل المطر سُرِّي عنه صلى الله عليه وسلم .

بمثل هذه النفوس العارفة بالله يتعامل مع الأحداث تعاملاً يثمر حياة القلوب ورقتها , لقد تزلزلت الأرض على عهد عمر رضي الله عنه فكيف تعامل معه وماهي التصريحات التي خرج بها على الناس ؟!! روي الإمام أحمد عن صفيه أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: ( زلزلت المدينة على عهد عمر فقال: يا أيها الناس ما هذا ؟! ما أسرع ما أحدثتم - يعني من العصيان والمخالفة - لئن عادت لا تجدونني فيها ).
لقد كان عمر رضي الله عنه يعرف أن وجود بعض المعاصي داخل مجتمع المدينة سبب لوقوع البلاء , حتى ولو كان مجتمع المدينة المثالي الذي وضع أساسه وأقام دعائمه محمد صلى الله عليه وسلم .المجتمع الذي يحتج بقول وفعل أهله لتمسكهم بالسنة .. فيا ترى ما هي الذنوب التي أغلقت المدينة النبوية أبوابها عليها في زمن عمر ؟! هل كانت حانات للخمور .. أو دور للبغاء .. أو فنادق للقمار .. أو معابد الوثنية وقبوراً تعبد من دون الله ... ؟!!!

أن رسالة رواد المنابر وأساتذة التعليم وأصحاب الأقلام في مثل هذه الأحداث هو رد الناس إلي الأسباب الحقيقية لهذه الكوارث ودعوتهم إلى التوبة والاستغفار , ثبت أن الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله : لما وقع الزلزال في زمانه كتب إلى عماله في البلدان و أمرهم أن يأمرو المسلمين بالتوبة إلى الله والضراعة إليه والاستغفار من ذنوبهم .
إنه ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة , وصنائع المعروف تطفئ غضب الرب , ذكر الطبري في تاريخه (4/102) وذكر ذلك الواقدي أيضا، أنه في سنة تسع عشرة ظهرت نار من حرة ليلى بالمدينة فأراد عمر أن يخرج بالرجال إليها ، ثم أمر المسلمين بالصدقة فطفئت ولله الحمد .

الواجب على المؤمنين أن يكونوا على وجلٍ من ذنوبهم كما قال الحسن البصري رحمه الله : إن المؤمن لا يصبح إلا خائفاً ولا يصلحه إلا ذاك ...الخ , وعليهم أن يرجعوا إلى ربهم ويتوبوا إليه { ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}
أما أن تحور القضية على أنها حوادث طبيعية وكفى , ويبقى الناس على بعدهم وغفلتهم وقسوة قلوبهم وترتجف البحار ولا ترتجف القلوب .. فهذا وربي أشد من تزلزل الأرض لأن موت القلوب أشد من موت الأبدان , عجيب حال الناس الزلزال يضرب في غرب البلاد والناس في شرقها لا يزالون { في غمرة ساهون } .
لقد نعى الله على الكافرين والمنافقين– أصحاب القلوب المريضة أو الميتة - أنهم لا يعتبرون ولايذّكرون بل ربما زادتهم البلايا بعداً وصدوداً {ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبير} {أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذّكرون} { ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ماكانوا يعملون }.
إن الذنوب والمعاصي هي السبب الكبير في المحن والزلازل والفيضانات والبراكين والأمراض التي لم تكن من قبل . {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير } { فكلاً أخذنا بذنبه}
روي الترمذي في جامعه عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال: ( في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف . فقال رجل من المسلمين : يا رسول الله ومتى ذلك ؟ قال : إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور). وفي رواية ( إذا كثر الخبث ...)

إن مجتمعات المسلمين اليوم تعج بذنوب كثيرة من شرك صراح وأكل للربا وشرب للخمور وزناً وفواحش توجب الوجل من حلول عقوباتها { أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فماهم بمعجزين # أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم } { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون}
روى الإمام أحمد في مسنده عن عبيد الله بن جرير عن أبيه أن النبي صلى الله علي وسلم قال : ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله لم يغيروه إلا عمّهم الله بعقاب ).
يا مخطئاً ما أجهلك عصيت ربـاً عدَّلك
وأقدرك وأمهلك .. عجل وبـادر أملك
واختم بخير عملك *** ونــاد رباً فضلك
لبيك إن الحمد لك *** والملك لا شريك لك


الزّلازل في مائة عام
الرياض - (الإسلام اليوم)

في 1906م: سلسلة من الهزات العنيفة مدّتها دقيقة واحدة ضربت سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة، وقتلت نحو ثلاثة آلاف شخص بسبب انهيار المباني أو الحرائق.
في 1923م: زلزال (كانتو) ومركزه خارج العاصمة اليابانية مباشرة، يحصد أرواح مائة واثنين وأربعين ألف شخص في طوكيو.
في 1931م: زلزال قوّته خمس درجات ونصف الدرجة بمقياس ريختر مركزه ساحل بحر الشمال في بريطانيا. كانت الخسائر في الأرواح قليلة.
في 1948م: زلزال فوكوي في شرق بحر الصين، دمّر مناطق غرب اليابان، وقتل ثلاثة آلاف وسبعمائة وسبعين شخصاً.
في 1950م: زلزال عنيف ضرب ولاية أسام شمال شرقي الهند. أدّت الهزات إلى تسجيل مستويات مختلفة الشدة إلا أنها سُجّلت رسمياً بدرجة تسع بمقياس ريختر.
في 1954م : زلزال ضرب مدينة الأصنام (الشلف) الجزائرية التي كان اسمها آنذاك (أورليانزفيل)، وقتل ألفاً وستمائة وسبعة وخمسين شخصاً.
في 1960م: أقوى زلزال على النطاق العالمي سجل في تشيلي، وبلغت قوته 9.5 على مقياس ريختر، وقد أزال عن وجه الأرض قرى بكاملها، وقتل الآلاف من البشر.
في 1976م: تحولت مدينة تانغشان الصينية إلى أنقاض بفعل زلزال أتى على أرواح خمسمائة ألف شخص.
في 1980م: مقتل المئات في هزات أرضية في مناطق جنوب إيطاليا.
أكتوبر 1980م: زلزالان عنيفان متتاليان. الأول: بقوة سبع درجات وثلاثة أعشار الدرجة. والثاني: بقوة ست درجات وثلاثة أعشار الدرجة حسب مقياس ريختر، يضربان مدينة الأصنام (الشلف حالياً) في غرب الجزائر ويؤديان إلى مقتل نحو ثلاثة آلاف شخص، ويدمّران معظم أجزاء المدينة.
سبتمبر 1985م: زلزال عنيف يهز العاصمة المكسيكية يدمر المباني، ويقتل عشرة آلاف شخص.
أكتوبر 1989م: زلزال (لوما بريتا) يضرب كاليفورنيا، ويسبب مقتل ثمانية وستين شخصاً، ويلحق أضراراً بقيمة سبعة ملايين دولار.
في 1990م: مقتل أكثر من أربعين ألف شخص في منطقة غيلان شمال إيران
أكتوبر 1992م: زلزال بقوة خمس درجات وثمانية أعشار الدرجة يضرب مصر ويؤدي إلى مقتل نحو ثلاثمائة وسبعين، وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف شخص. كان مركز الزلزال جنوب غربي القاهرة بالقرب من الفيوم والجيزة التي ضُربت بعنف
سبتمبر 1993م: زلزال يؤدي إلى مقتل نحو اثنين وعشرين ألف قروي في جنوب وغرب الهند.
يونيو 1994م: مقتل ألف شخص في زلزال وانزلاقات أرضية في كولومبيا.
يناير 1995م: زلزال يهز مدينة كوبي اليابانية ويؤدي إلى مقتل ستة آلاف وأربعمائة وثلاثين شخصاً.
نوفمبر 1995م: زلزال يضرب منطقة الشرق الأوسط مركزه في خليج العقبة ويشمل مناطق الساحل السياحية في مصر إضافة إلى الأردن وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، ويشعر به سكان لبنان وسوريا وقبرص.
مايو 1995م: زلزال بقوة سبع درجات ونصف الدرجة يضرب جزيرة ساخالين الروسية النائية ويقتل ألفاً وتسعمائة وتسعة وثمانين شخصاً.
فبراير 1997م: زلزال بقوة خمس درجات ونصف الدرجة حسب مقياس ريختر يهز المناطق الريفية في شمال غربي إيران، ويقتل ألف شخص. وبعد ثلاثة أشهر تقع هزات عنيفة تؤدي إلى مقتل ألف وخمسمائة وستين شخصاً في شرق إيران
مايو 1998م: زلزال في أفغانستان يقتل أربعة آلاف شخص.
يونيو 1998م: هزّ زلزال منطقة أضنه في جنوب شرقي تركيا مما أدى إلى مقتل مئة وأربعة وأربعين شخصاً. وبعد أسبوع من ذلك شهدت المنطقة هزتين ارتداديتين سبّبتا جرح أكثر من ألف شخص.
يوليو 1998م: قُتل أكثر من ألف شخص في الساحل الشمالي الغربي في (بابوا) غينيا الجديدة بفعل الأمواج التي سببها زلزال وقع تحت سطح البحر.
يناير 1999م: هزة أرضية في مدينة أرمينية الكولومبية قتلت نحو ألف شخص
مارس 1999م: زلزالان هزّا (أتار براديش) في شمال الهند وأدّيا إلى مقتل أكثر من مئة شخص.
أغسطس 1999م: زلزال مروّع تتراوح قوّته بين ستة درجات وثمانية أعشار الدرجة، وسبع درجات على مقياس ريختر يهزّ شمال غربي تركيا مسبباً عشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
سبتمبر 1999م: هزة أرضية قوية تقع في اليونان وتبلغ شدّتها خمس درجات وتسعة أعشار الدرجة على مقياس ريختر، ومركزها بالقرب من أثينا. أدّت الهزة إلى مقتل تسعة وأربعين شخصاً.
سبتمبر 1999م: أعنف زلزال يضرب تايوان تبلغ قوته سبع درجات وستة أعشار الدرجة على سلم ريختر، يؤدّي إلى مقتل ألف وخمسمائة شخص، وإصابة وتشريد ألوف آخرين.
نوفمبر 1999م: ومع أفول القرن أيضاً تتعرض تركيا لزلزال عنيف تزيد قوته على سبع درجات، ويودي بأرواح أكثر من أربعمائة وخمسين شخصاً.
ديسمبر 1999م: في الأيام الأخيرة من القرن العشرين ضرب زلزال شدته خمس درجات وثمانية أعشار الدرجة مناطق في غرب الجزائر، وقتل ثمانية وعشرين شخصاً، وأصاب مئة وخمسة وسبعين آخرين.
 


الدكتور الفنيسان: كوارث شرق آسيا بسبب المعاصي
الإسلام اليوم/ باسل النيرب

تحدث الدكتور سعود الفنيسان عميد كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن ظاهرة الأمواج الأخيرة التي ضربت الشواطئ في شرق آسيا إثر موجات زلزالية أدّت إلى مقتل حوالي (150) ألفاً من سكان تلك الجزر، عدا عن الخسائر المادية الأخرى، والتي ما زلت غير مقدرة حتى الآن، وأكّد في حديثة السريع لِـ(الإسلام اليوم) أن الله سبحانه وتعالى يختبر المسلم ويبتلى الكافر... وإلى نص الحوار:

ما العبرة من الكوارث الطبيعية؟
هذا الحدث الكبير، والنازلة التي ألمت بالعالم أرسلها الله -سبحانه وتعالى- للعظة والعبرة للمسلم والكافر، فالمسلم يزداد رجوعاً إلى الله وتوبة، وللكافر ابتلاء له وامتحان ممن بقي منهم على كفره.
هذه الزلازل ذكرها الله سبحانه في كتابة الكريم في سورة الزلزلة (إذا زُلزِلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها...) ، وهذه الزلزلة هي يوم القيامة، وهي أعظم وأشد من أي زلزلة تكون، مهما شاهدنا من قوة لها وتدمير، وما يحدث اليوم لا يساوي شيئاً أمام زلزلة يوم الآخرة؛ فهي الأقوى، وهي المذهلة حيث تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتخرج الأرض ما في جوفها وتلقيه على ظهرها، وتتحدث الأرض بأخبارها وهذا مؤكد في الحديث الصحيح.
في هذا اليوم العظيم أعظم ما يمكن أن يستعد له الإنسان هو البعد عن المعاصي خوفاً من عقاب الله، ومثل هذه الزلازل التي كثرت في الآونة الأخيرة هي عبرة ليوم البعث والنشور، يوم تشهد الألسنة والأرجل على أصحابها.
ومن المعلوم أن هذه الزلازل من حيث الأسباب لها أسبابها المعروفة، وممكن أن تُدرك وهي حكمة من الله - سبحانه وتعالى- وجعل لها مواطن خاصة في الجبال، وفي قيعان البحار عموماً، ومن حكمة الشرع أنه إذا نزلت نازلة بالأمة أن يفتتن المسلمون، وقد قال أحد السلف عندما زُلزِلت الأرض في مصر: إن ربكم يستعتبكم، وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما زُلزِلت المدينة المنورة: لئن عادت مرة أخرى لا أساكنكم فيها.
ومن رحمة الله -سبحانه وتعالى- بالجزيرة العربية أن الظواهر الطبيعية كالزلازل والبراكين بمنأى كبير عنها إلا على حدود الشواطئ في العقبة وخليج عمان وإيران، وهي ميزة للجزيرة العربية كما يقولون، ويقول العلماء: إن الزلزال عبارة عن رياح وأبخرة تحت الأرض، وتبحث عن مخرج لها فإن وجدته خرج على شكل بركان، وإن لم تجده تهتز الأرض، ويكون الزلزال، وهي مرتبطة بالمناطق البحرية، وفي آخر الزمان كما معلوم تكثر الزلازل والكوارث الطبيعية، وسيحدث خسوف في المشرق والمغرب وفي جزيرة العرب.

يفسر كثير من الناس هذه الظواهر بشكل علمي ومادي هل هناك تفسيرات أخرى شرعية؟
إن الكثير من الظواهر يفسرها الناس مادياً ومنها أسباب الجفاف والفيضانات والزلازل، ولكن هذه الزلازل والأمواج إنما هي بسبب الذنوب والمعاصي، وبعض الناس في هذا الوقت يتلذذ بالنوازل في الأمة ويقلب الحقائق، ويرتزق من ورائها؛فقد كان أحد الشعراء في العهد المملوكي في مصر بعد أن أصابها زلزال جاء إلى الحاكم، فقال يمدحه متملقاً ببيت من الشعر:
ما زُلْزِلت مصرُ من كيدٍ أُريد بها  *** لكنها رقصت من عدلكم طرباً

في هذا غفلة وقسوة للقلب وانحراف سلوكي في المجتمع، فالشعراء وبعض وسائل الإعلام-إلا من رحم ربي- لهم القدرة على قلب الحقائق.
ولهذه الزلزلة فائدة، والعبرة فيها واجبة، وفيها فوائد مادية عند البعض فما نزلت بنا مصيبة إلا كان للبعض فيها من مصلحة فمثالاً البراكين عندما تثور فهي تقتل وتدمر الحرث والنسل ولكن تخرج ما في جوفها حمماً تفيد الأرض الزراعية.
 


زلزال سي نو مئ أقاليم دالت ، وقرى زالت ، وأمم بادت
رضا أحمد صمدي - تايلند
rdsamadi@maktoob.com

الحمد لله الباقي ... والصلاة والسلام الراقي إلى خير المراقي ... وبعد ..
ففي صبيحة يوم الأحد الموافق للسادس والعشرين من ديسمبر لعام 2004 تقلصت ( بأمر الله ) قشرة الأرض تحت المحيط الهادئ وحول البحار المحيطة بالجزر الأندنوسية وخاصة جزيرة سومطرة حتى أنتج هذا التقلص حركات زلزالية تتابعت في مداها إلى قريب من القارة الإفريقية ، ومن لطف الله ( نعم من لطفه ورحمته ) أن الزلزلة حدثت تحت مياه البحار والمحيطات ، ولو حدثت في اليابسة لكان هلاكا عاما ودمارا شاملا ... ونتج عن هذه الزلزة تحت مياه البحار والمحيطات موجات ضخمة عاتية قصفت الشواطيء والمدن الموجودة في محيط الزلزلة ...

ولعل الأخوة تابع الأخبار الواردة في نشرات الأخبار على محطات التلفزة أو شبكة الاتصالات العالمية ويهمني هنا أن أورد للأخوة بعض الصور عما حدث في تايلند ، وأذكر الأمور الأصيلة والعارضة ذات الصلة مما يهم المتابع للشأن الإسلامي ، مما يفيد في تمام العظة والعبرة ...

فأما المناطق التي تأثرت بالأمواج العاتية فهي خمس أو ست ولايات أهمها ولاية ( بانغا ) وولاية ( فوكيت ) وولاية ( رنوغ ) ... وكل هذه الولايات تقع على شاطيء البحر , كما أن غالب تلك الولاية المنكوبة تعتبر من أشهر الولايات التايلندية في السياحة ، وللأسف الشديد فإن غالب تلك المناطق يقطنها إغلبية مسلمة .

تلك المناطق التي اشتهرت في كل بقاع العالم بأنها بلاد السحر والجمال خاصة ولاية فوكيت ، فجمال الخلق ، من جبال وغابات وبحار وشواطيء جعلها من أكثر المناطق زيارة في العالم ... وأيضا جعلها من أكثر المناطق جمعا للعهر والفساد والفجور ...

المسلمون في تايلند تتفق كلمتهم ( برهم وفاجرهم ) على أن ما نزل هو عقوبة من الله تعالى ، وكل يعبر عنها بالكلمة العربية ( بلاء ) مع بعض الإمالة لعجمة في ألسنتهم ...

يقول الله تعالى : ( فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس ) ، ليس من شيء يعبر عن الحالة التي وصلت إليها بعض المناطق أفصح وأبلغ من هذه الآية ...

أقاليم بأكملها دالت ، وقرى زالت ، وأمم بادت ...

نعم ... ولا مبالغة ...

بعض الجزر ( وتمثل مقاطعة مستقلة ) غطاها الموج العاتي ، وأفنى بنيانها الماء الدافق ، وأهلك حرثها ونسلها اصطكاك تلك المياه بالأشجار والأبنية ، فلا ترى إلا الجثث الهامدة ، وبقايا الأجساد المتعفنة ، منها ما هو طريح الرمال ، ومنها ما هو معلق بالأشجار ، ومنها ما هو مدفون تحت بقايا العمارات المتهدمة ..

فنادق سويت بالأرض ... نعم ولا مبالغة ...
سيارات وقوارب اصطدم بعضها ببعض بفعل الأمواج العاتية ... نعم ولا مبالغة.

آلاف الجثث .. وأنا أتحدث عن تايلند فقط ..
أما في اندنوسيا فعشرات ألآلاف من الجثث ...

غالبها للسياح الأوروبيين ...ممن جاءوا إلى تلك المناطق للاحتفال برأس السنة الميلادية .. فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ..

أما إخواننا المسلمون ... فمنهم من كان في معمعة الفجور ، وفي مناطق الخنا والخمور ... ومنهم من كان بعيدا قصيا ولكن طالته يد العذاب التي لا تصيب الذين ظلموا خاصة ...

نعم .. كانت تلك الأمواج نعيما للؤمنين ، فماتوا شهداء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وعذابا للكافرين والفاجرين ...

المسلمون ألآن في تلك المناطق يعانون ظروفا صعبة شاقة بعد أن هدمت منازلهم وذهب كل ما فيها مع الماء ، ومات أقاربهم وذووهم ، ومنهم أطفال فنيت أسرهم ... وتحت وطأة هذه الشدائد بدأت تزحف جحافل المنصرين والسياسيين والصائدين في الماء العكر الذي خلفه  الطوفان ...

حتى الأكفان قليلة لا تكفي كمية الجثث المستخرجة يوميا ... أما الكيان الصهيوني فقد بادر بإرسال أكياس حافظة للرائحة ( 3000 كيس ) لأنه لا توجد ثلاجات تحفظ الجثث مما يستتبع حقنها بكميات كبيرة من الفورملين ثم وضعها في تلك الأكياس ..

حتى إيران الرافضية أرسلت خبراء للبحث تحت الأنقاض ...

والمسلمون ينادون : أين المسلمون ؟؟؟
 


اللهم لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا !!!
حاتم حمزة

الحمد لله القوى العزيز
الحمد لله الجبار المنتقم
الذى يقول للشئ كن فيكون
مهلك الظالمين و معذب الكافرين
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين

أكثر من مائة ألف قتيل هم ضحايا الزلزال المدمّر الذي ضرب جنوب شرق آسيا، والحصيلة مرشّحة للازدياد...

منازل دمرت أسر شردت أكثر من مائة ألف قتيل فى ثوانى معدودة
فلا إله إلا الله القائل : {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} (65) سورة الأنعام
لعلهم يفقهون
فهل تدبرنا فى هذا الزلزال
هل سألنا أنفسنا ما هو سبب هذا الزلزال ؟
لعلنا إستمعنا لتحليلات و نظريات ولكن إستمع لهذه الأسباب
قال الله تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) (الروم:41).
فهل رجعنا إلى الله وتبنا إليه

قال الله تعالى : (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ))

فهذه الزلازل والمصائب بما كسبت أيدى الناس
أنظر إلى المعاصى فى كل مكان
كفر وإلحاد
قتل و تعطيل لحدود الله
خمر و زنا
تبرج وإختلاط
ربا و رشوة و سرقة و نصب وإحتيال
((قال كعب انما زلزلت الارض اذا عمل فيها بالمعاصي فترعدا فرقا من الرب عز وجل أن يطلع عليها)) الجواب الكافى

((وذكر ابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك أنه دخل على عائشة هو رجل آخر فقال لها الرجل يا ام المؤمنين حدثينا عن الزلزلة فقالت إذا استباحوا الزنا وشربوا الخمر وضربوا المعازف غار الله عز وجل في سمائه فقال للارض تزلزلى بهم فان تابوا ونزعوا وإلا أهدمها عليهم قال يا أم المؤمنين أعذابا لهم قالت بل موعظة ورحمة للمؤمنين ونكالا وعذابا وسخطا على الكافرين فقال أنس ما سمعت حديثا بعد رسول صلى الله عليه وسلم أنا أشد فرحا مني بهذا الحديث )) الجواب الكافى

قال الله تعالى: { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } [الإسراء:16].
ففسقوا فيها فالفسق سبب للدمار
فهل أتقينا الله و هل أقلع أهل الفسق وتابوا عن فسقهم
قبل أن يحل علينا العذاب

أم هل أمِنَ الناس من عذاب الله أن يأتيهم ؟
قال الله تعالى : {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ} (97) سورة الأعراف
قال الله تعالى : {أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ} (98) سورة الأعراف
قال الله تعالى : {أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (107) سورة يوسف
قال الله تعالى : {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ*أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ} (45- 46) سورة النحل
قال الله تعالى : {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (99) سورة الأعراف

ثم إنها سنت الله فى القرى الظالمة

قال الله تعالى : {فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} (45) سورة الحـج
قال الله تعالى : {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ } (48) سورة الحـج
قال الله تعالى : {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} (58) سورة القصص
قال الله تعالى : {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا} (8) سورة الطلاق
ولكن
قال الله تعالى : {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } (6) سورة الأنبياء
فإذا أهلكهم فلايرجعون
قال الله تعالى : {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} (95) سورة الأنبياء

أما الكفار فإن الله توعدهم
قال الله تعالى : { وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (31) سورة الرعد
تأمل قوله ولايزال إلى متى حتى يأتى وعد الله

فيا الله القادر على أن يأخذ بكل أنواع العذاب
قال الله تعالى : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا }
فهل ظلمهم الله
لا والله

{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت:40]

فهذه آيات يرسلها الله لنا
قال الله تعالى : { وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} (59) سورة الإسراء
فهل خفنا منها وعدنا إلى الله

ولنتذكر قوله بعد أن ذكر الحجارة التى أرسلت على قوم لوط قال :
قال الله تعالى : { وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} (83) سورة هود

وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ)) فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَتَى ذَاكَ؟ قَال: ((إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ)) رواه الترمذي.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان خسف ومسخ وقذف، قالت: قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث)) رواه الترمذي .

ظهرت القينات و المعازف و شربت الخمور و كثر الخبث
فلاحولة ولاقوة إلا بالله
اللهم لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا
اللهم أرحمنا فإنك بنا راحم ولا تعذبنا فإنك علينا قادر

وأخيراً إذا كان كل هذا الدمار والخوف والهلع لزلزلة ثوانى فكيف بزلزلة يوم القيامة
يوم يجعل الولدان شيباً؟ إنها زلزلة هائلة تخفض وترفع وترج الأرض رجاً وتبس الجبال بساً فتجعلها هباء منبثاً. إنها زلزلة ضخمة تتحول الجبال معها إلى عهن منفوش. وتصير الأرض قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً.
و قال الله تعالى : { يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْء عَظِيمٌ *يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَـارَى وَمَا هُم بِسُكَـارَى وَلَـكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:1-2].

فيا أيها العاصى تب إلى الله وأرجع إليه قبل ذلك اليوم
قبل أن تكون من الخاسرين فتعض على يديك وتقول { يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (56) سورة الزمر
{أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (57) سورة الزمر
{أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (58) سورة الزمر

فيأتيك الجواب
{بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (59) سورة الزمر

فما زال أمامك متسع تب إلى الله الآن
نعم
الآن
قل { لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (87) سورة الأنبياء

حقق شروط التوبة ( ندم – إقلاع عن الذنب – عزم على عدم العودة – ورد المظالم إلى أهلها إن كانت عليك مظالم )
وأبشر بأن الله سيقبل توبتك
قال تعالى : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53) سورة الزمر

اللهم أجرنا من عذابك يوم تبعث عبادك
اللهم أجرنا من عذاب النار
 


مساجد "آتشيه" تشهد على قدرة الله أمام مد تسونامي
الإسلام اليوم

في الوقت الذي محت أمواج " تسونامي" مدن بأكملها في جنوب شرقي آسيا، وقفت مساجد إقليم آتشيه، شاهدا على قدرة الله سبحانه وتعالى. ففي الصورة أعلاه التي التقطتها وكالة فرانس برس لإحدى مناطق إقليم بندا آتشيه والتي لا يمكن حاليا الوصول إليها برا، تشكل المساجد بقعا بيضاء وحيدة وسط لوحة من الطين والأنقاض.
هذا و أكد إندونيسيون نجوا من الأمواج التي ضربت إقليم آتشيه بفعل زلزال سومطرة، أن "يد الله الخفية" حمت المساجد في هذه المنطقة التي دمرت منذ أسبوع.
فيما بثت محطات التلفزيون الإندونيسية شهادات لناجين أكدوا أنهم نجوا لأنهم لجأوا إلى المسجد في مواجهة تقدم الأمواج.
وقال مخلص خائران (30 عاماً) الذي شاهد دمار قريته "بايت" في ضواحي بندا آتشيه كبرى مدن الإقليم الواقع شمال سومطرة، إنه "قصاص الله لنا بسبب جشعنا لكنه لن يدمر أبداً بيته".
وفي كل المنطقة حيث محيت مدن كاملة، تحدث شهود عيان عن بقاء المساجد الحديثة والقديمة، سالمة في إقليم آتشيه الذي اعتنق سكانه الإسلام منذ القرن الثالث عشر.
وفي قرية كاجو، جرفت الأمواج مئات المنازل لكن المسجد نجا بشكل يثير الدهشة ولم يصب سوى ببعض التشققات في جدرانه. وأحاطت المياه بكل جدرانه لكن أي قطرة لم تدخل إليه.
وأكد إسماعيل إسحق (42 عاماً) الذي كان مشغولاً في البحث في أنقاض منزله عن أفراد عائلته السبعة المفقودين أن "أهل آتشيه يقولون إن المسجد بيت الله ولا أحد سواه يستطيع تدميره".
وتحدث صحفيان من وكالة الأنباء الإندونيسية الرسمية "انتارا" أيضاً عن "معجزة" حدثت لمبنى ديني في منطقة مولابو (الساحل الغربي). ففي حي سواك ايندا بوتري الأكثر تضررا في المدينة، ما زال المسجد على حاله بينما دمرت كل المباني المحيطة به مثل رئاسة أركان الجيش ومهاجع رجال الشرطة.
وفي منطقة باسي لوك التي تبعد حوالى عشرين كيلومتراً شرق مدينة سيلي في منطقة بيدي، صمد مسجدان على شاطئ البحر بينما انهارت كل المنازل حولهما، مع أن المسجدين بنيا بطريقتين مختلفتين. فالأول مبني من الخشب وقديم والثاني من الأسمنت وجديد.
وقال زعيم ديني محلي يدعى توكو كاوي علي إن حوالي مئة من سكان القرى نجوا بلجوئهم إلى هذين المسجدين. وأكد أن المياه غمرت المنازل المحيطة بهما لكنها لم تتجاوز الدرجة الثانية من سلالم مداخل المسجد الأربعة.
 


الجواب الكافي د.عبد العزيز بن فوزان بن صالح الفوزان*

كل من يتصدى للدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسعى لإصلاح الناس، ويعارض أهواءهم المنحرفة، وإراداتهم الفاسدة، ويمنعهم من خرق سفينة المجتمع، وتهديم أمنه، وتعريضه لغضب الله ومقته، وأخذه وسطوته، فلابد أن يوطن نفسه على ما يصيبه من أذى هؤلاء الخلق وظلمهم، وطيشهم وجهلهم، فإن فيهم الجاهل الذي يظن الحق باطلاً، والباطل حقاً، ويفهم الكلام على غير وجهه، ويصدق عليه قول الشاعر:

وكم من عائب قولاً سليماً **** وآفته من الفهم السقيمِ

وفيهم الظالم الذي اتبع هواه، واستعبدته شهواته، وأخلد إلى الأرض، وآثر الدنيا على الآخرة، فحمله ذلك على بغض كل من يناصحه ويحذره من مغبة فعله السيئ، بل ويعتبره عدواً له، ومتدخلاً في خصوصياته، وهو في الحقيقة محب ناصح، ومشفق صادق.

ولهذا لما أمر الله تعالى بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر بالصبر على ما يصيب العبد بسببها من الظلم والأذى. فقال سبحانه: (والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) فأقسم سبحانه بأن الناس كلهم في خسار وبوار إلا من اتصف بهذه الصفات الأربع، ومنها التواصي بالحق، والتواصي بالصبر على الأذى فيه. وفي وصية لقمان لابنه يقول سبحانه وتعالى: (يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) أي: أن الصبر على ما يصيب الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من الأمور التي عزمها الله وأوجبها على عباده، والتي لا يقوى عليها ويوفق لها إلا أولوا العزائم القوية، والهمم العلية.

وإذا كان رب العزة سبحانه لم يسلم من أذى الخلق وجهلهم، فهو وإياهم في نبأ عظيم، يخلق ويعبد غيره، ويرزق ويشكر سواه، خيره إليهم نازل، وشرهم إليه صاعد، يتحبب إليهم بالنعم، ويتبغضون إليه بالمعاصي. بل قال عنه أقوام: "إن الله فقير ونحن أغنياء". وقالوا: "يد الله مغلولة". وزعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه. وشبهه آخرون بخلقه، وكذبوا عليه فجعلوا له زوجة وولداً. وزعم بعضهم أن الملائكة بنات الله. وكذلك الحال مع أصفيائه وأوليائه، بل أفضل خلقه من رسله وأنبيائه، فقد أوذوا في الله ما لم يؤذ أحد، واتهموا بالجهل والكذب، والجنون والسفاهة، وتعاطي السحر والكهانة. كما قال تعالى: (كذلك ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون)...

فإذا كان هذا ما يحصل لرب العزة سبحانه، الذي له الخلق والأمر، وهو الحكيم الخبير، وهو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وهو كذلك ما حصل لرسله وأصفيائه، أكمل الناس خلقاً، وأصدقهم نصحاً، وأتقاهم لله تعالى سراً وجهراً، فكيف بمن سواهم من ورثتهم في حمل هذا الدين وتبليغه للعالمين؟! فلا جرم أن أن يجدوا الظلم والأذى من الإنسان الذي خُلق ظلوما جهولا، وكيف يُطلب الإنصاف ممن الأصل فيه الظلم والجهل؟ وكيف يُنصف الخلق من لم ينصف الخالق؟!! ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم) رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة.

وقد تقاعس أقوام كثيرون عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو من أخص أوصاف المؤمنين، وسبب خيرية هذه الأمة، وسبيل فلاحها ونجاتها في الدنيا والآخرة، تركوا ذلك خوفاً من أذى الخلق، وإيثاراً للسلامة، ونسوا أن قعودهم عن القيام بهذه الشعيرة العظيمة هو عين الهلكة والندامة، وأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأن العذاب إذا نزل عم الصالح والطالح، والكبير والصغير، كما قال ربنا سبحانه: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)، ولما سألت زينب رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث" متفق عليه.

هذه حقيقة أحببت التذكير بها حين رأيت عجباً من بعض الصحفيين وكتاب المنتديات في الشبكة الدولية، الذين استنكروا ما ذكرته في برنامج "الجواب الكافي" في قناة "المجد الفضائية" من أن المصائب العامة، ومنها الزلازل والفيضانات المدمرة التي وقعت في شرق آسيا وجنوبها عقوبة إلهية، ونذارة ربانية لمن يبارزون الله بالمعاصي، ويحادونه بأنواع المنكرات والقبائح من الربا والزنا والشذوذ الجنسي، والانفلات الخلقي، وغيرها، وأن هذه الكبائر تكثر عادة في المنتجعات السياحية، التي يؤمها السواح من أنحاء العالم، في الإجازات العامة، كعيد الميلاد وعيد رأس السنة الميلادية وغيرها. بل ذكر بعض الباحثين أن "السياحة الجنسية" التي تكثر في تلك المناطق التي ضربها الزلزال تأتي في الترتيب الثالث عالمياً بعد تجارة السلاح والمخدرات.

وكان من آخر ما اطلعت عليه من هذه المقالات ما نشرته صحيفة "الرياض" في عددها (13349) بتاريخ: 29/11/1425هـ بقلم رئيس تحريرها، بعنوان "الجواب غير الكافي"!! وتساءل ما هو ذنب شعوب فقيرة للغاية في شرق آسيا لكي يحل بها هذا الدمار الشامل؟ ثم قال: إن الله أكثر رأفة ورحمة بعباده من أن يضعهم تحت هذه القسوة. ثم ذكر في نهاية مقاله أن هذا أمر لا يقبله العقل!! وتساءل بلغة تحريضية كنت أربأ به عنها: كيف هي أفكار هذا المتحدث مع تلامذته إذا كان هذا هو ما يقوله في هذه الواقعة؟ كما ذكر في ثنايا مقاله أن جريدة "الحياة" في عددها (15257) ذكرت أن شبكة "إن بي سي" الأمريكية أوردت هذه الفتوى، وبثت مشاهد من هذا اللقاء، الذي أثار –بزعمه-استياءً كبيراً في الأوساط الأمريكية.

والجواب عن هذه التساؤلات بغض النظر عن مقصد كاتبها ومن سار على منواله، سأختصره في النقاط الآتية:

أولاًً: لقد أعمت النظرة المادية كثيراً من أبناء هذا العصر، فلم يتفطنوا للربط بين الأسباب ومسبباتها، ولم يدركوا العلاقة بين الأعمال وآثارها، فتجدهم يكتبون ويصرحون بأن سبب هذا الزلزال ضعف في القشرة الأرضية، ووجود اختلالات وفجوات في داخلها، أو أن هذا شيء يحصل في الكرة الأرضية كل مائتي عام... ونحن لا ننكر وجود مثل هذه الأسباب، ولكننا يجب أن نعلم أن وراء هذه الأسباب المادية أسباباً شرعية هي التي سببت هذا الخلل في القشرة الأرضية أو غيره من الأسباب، ثم حصلت تلك الكوارث والمصائب، فهذه الأسباب المادية التي يذكرونها -إن صحت- لا تعدو أن تكون وسيلة لما تقتضيه الأسباب الشرعية من المصائب والعقوبات العامة. يقول الله تعالى بعد أن ذكر مصارع الأمم السالفة: (فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) إنها السنة التي لا تتبدل، ولا تتخلف عند وجود أسبابها: (فكلاً أخذنا بذنبه)(وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ بنفسه، وإن سنن الله في عباده لا تحابي أحداً، فمن فعل فعلهم فقد استحق العقوبة مثلهم، (وما ربك بظلام للعبيد) (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) فمتى يفيق السادرون؟ ومتى يرعوي العصاة والمذنبون؟

وقد أكد الله هذه السنة الإلهية في آيات كثيرة من كتابه إعذاراً منه وإنذاراً، يقول سبحانه وتعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)، وقال: (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فإذا غير الناس ما بأنفسهم من الصلاح والاستقامة غير الله عليهم نعمته، وأبدلهم بالأمن خوفاً، وبالعز ذلاً، وبالغنى فقراً، وبالصحة بلاء وسقماً، كما قال سبحانه: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير)، ويقول: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) فهو إذا أخذهم وعذبهم فهو بسبب ما اكتسبته أيديهم من أنواع الطغيان والعصيان. ثم قال سبحانه محذراً من زوال نعمته، وتحول عافيته، وفجاءة نقمته: (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون. أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون. أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)؛ فأين أولئك الذين يتركون الصلوات، وينتهكون الحرمات، ويأكلون الربا، ويشربون الخمور، ويفعلون الفواحش والفجور، ويستهينون بظلم الخلق ويبخسونهم أشيائهم, ألا يخافون من مكر الله، ألا يتفكرون في هذا الوعيد الذي تنخلع له القلوب الحية، وتقشعر منه جلود المؤمنين خشية ورهبة!!

فالمصائب العامة التي تنزل بالعباد إنما هي حصائد ذنوبهم وما كسبته أيديهم، لعلهم يثوبون إلى رشدهم، ويعودون إلى ربهم، قال الله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).

فلما كثرت المعاصي في هذا الزمن كثرت المصائب العامة من الأعاصير والعواصف المهلكة، والفيضانات المغرقة، والزلازل المدمرة، والبراكين المحرقة، والأمراض الفتاكة، والطواعين العامة، والحروب الطاحنة، والنقص والآفات الكثيرة في النفوس والزروع والثمار، وغير ذلك من المصائب والبلايا التي يخوف الله بها العباد، ويذكرهم بقوته وسطوته، ويعرفهم بعجزهم وضعفهم، وأنهم إن تركوا أمره لم يبال بهم بأي واد هلكوا، وما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره، ولجوا في طغيانهم وفساهم!!

إنها والله آيات وعبر، ومواعظ ونذر، وما يعقلها إلا العالمون، وما يعيها ويحذرها إلا العارفون المؤمنون. أما الذي ركنوا إلى الدنيا ونسوا الله والدار الآخرة، فإنهم لا ينتفعون بهذه الآيات والنذر، ولا تزجرهم عن غيرهم وفسادهم، بل قد لا تزيدهم إلا عتواً وفساداً، وتهالكاً على الدنيا وملذاتها، حتى يعبوا منها قبل أن يفارقوها، إنهم كما قال الله عنهم: ( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) وقال تعالى: ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا ًكبيراً) وقال سبحانه وتعالى عن المنافقين: (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولاهم يذكرون). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" حديث صحيح رواه ابن ماجه والحاكم والبزار والبيهقي والطبراني وغيرهم. وفي حديث زينب السابق تصريح بهذه السنة الإلهية التي تقتضي هلاك الأمم، وخراب الديار، إذا انتشرت المنكرات، وكثر الخبث، وقعد الصالحون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ونحن إذ نتعاطف مع إخواننا المسلمين هناك، ونتألم أشد الألم لما حل بهم، ونسأل الله تعالى أن يرحم ضعفهم، ويجبر كسرهم، ويرفع الضر والبأساء عنهم، ونسعى لمواساتهم وإغاثتهم، ونحث إخواننا على ذلك، فإنه يجب علينا وعليهم أن نحاسب أنفسنا، ونصحح أوضاعنا، وأن نسعى جاهدين لإزالة المنكرات والفواحش التي هي سبب حصول البلايا والمحن. وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله عز وجل بهلاكها".

وذكر ابن أبي الدنيا حديثاً مرسلاً (أن الأرض تزلزلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها ثم قال: اسكني فإنه لم يأن لك بعد. ثم التفت إلى أصحابه فقال: إن ربكم ليستعتبكم فأعتبوه) يعني: فأرضوه.

وروى الإمام أحمد عن صفية أنها قالت: "زلزلت المدينة على عهد عمر بن الخطاب فقال: يا أيها الناس! ما هذا؟ ما أسرع ما أحدثتم! لئن عادت لا أساكنكم فيها أبداً"

فلماذا لم يعترض عمر رضي الله على ما فعله الله بأهل المدينة، وهم خير القرون، وأفضل هذه الأمة، بل شدد النكير عليهم، وبين أنها إنما زلزلت بسبب ما أحدثوه من التفريط والعصيان، وأقسم أنها إن عادت لا يساكنهم فيها أبداً؟!

ولما هزم المسلمون في معركة أحد، واستنكر بعض الصحابة ما حدث، أنزل الله تعالى قوله: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير) فبين أن ما أصابهم هو من عند أنفسهم. والنصوص في هذا الباب كثيرة جداً، والغرض هنا هو التنبيه. وبه يتبين أن ما عجز الكاتب عن فهمه، ولم يقبله عقله هو الذي دل عليه صريح الكتاب والسنة، وفهم سلف الأمة.

كما أن هذا هو ما يؤكده العقلاء من غير المسلمين من الأمريكيين وغيرهم. ومنهم على سبيل المثال بات روبرتسون، وجيري فولويل، وغيرهم. حيث يصرح هؤلاء في أكبر المحطات الأمريكية بأن الشذوذ الجنسي والزنا والإجهاض من الذنوب الكبيرة التي ستجلب الدمار لأمريكا، وهو سبب ما يحصل فيها من الأعاصير، والفيضانات، والحرائق، والأمراض الفتاكة وغيرها. بل إن القس جيري فولويل الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم "بالإرهابي" في أكبر محطة بث في أمريكاCBS, يرى أن السبب في هجمات الحادي عشر من سبتمر ليس ابن لادن وأتباعه، ولكن سببها هو الشذوذ الجنسي والإجهاض ودعاة تحرير المرأة.

ثانياً: أما تساؤله عن أفكاري مع تلامذتي، ففي ظني أن أفكاري مبثوثة عبر الدروس والمحاضرات العامة، ووسائل الإعلام المختلفة، من صحافة وإذاعة وتلفاز ومجلات وكتب وغيرها، ولو تبين لي خطئي في شيء منها لما ترددت في الرجوع عنه، ورحم الله امرءاً أهدى إلي عيوبي، ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب).

ثالثاً: أما ما نسبه إلى شبكة "إن بي سي" الأمريكية، نقلاً عن جريدة "الحياة"، فأنا أعجب لم ينقل هذا عن جريدة الحياة التي نقلته بدورها عن أحد المواقع في الشبكة الدولية؟ أما كان الأجدر برئيس التحرير، وبصحيفة "الحياة"، وصحيفة "الوطن" من قبله أن يتأكدوا من صحة هذا الخبر قبل نقله، ويرجعوا إليه في مصدره الأصلي في تلك المحطة الأمريكية. وألا يعتمدوا في خبر كهذا على شخص مجهول الهوية في موقع من مواقع الشبكة الدولية. وأخشى أن يكون هذا الخبر مختلقاً من أساسه، حيث رجعت أنا وبعض المختصين إلى موقع تلك المحطة، وسألناهم عن هذا الخبر، فلم نجد له أية أثر!! فأين هي مسؤولية الكلمة؟ وأين الأمانة الصحفية يا معشر الكتاب؟! ولو فرضنا صحة الخبر، فلا يستخفنكم الذين لا يوقنون، ودعوا السيد: بات روبرتسون، وجيري فولويل، وأمثالهما من المتدينين، الذين يشكلون قطاعاً عريضاً من الشعب الأمريكي يجيبونهم عنكم، ويبينون لهم هذه الحقيقة الغائبة! وتقبلوا خالص شكري وتقديري.

..............

*عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالرياض

عن الكاتب

SoftSpace

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

عن الموقع

author«القرآن الكريم» هي مدونة إلكترونية متخصصة في مجال الأسرة والمجتمع والتكنولوجيا الإلكترونية الهدف من هذا القانون هو نشر الثقافة التقنية للجميع من خلال سلسلة من المقالات والدورات التعليمية المجانية ، اعتقادا منها أنه يجب نشر العلم ، وليس بيعه ، لجذب انتباه المعلمين العرب وتحفيزهم على التدوين في الميدان من تقنيات التعليم لنشر أفكارهم وخبراتهم. تقوم المدونة بترجمة أهم المقالات والأخبار على المواقع الأجنبية
معرفة المزيد ←

جميع الحقوق محفوظة

القرآن الكريم