بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الأحباب مُتابعي شبكة عباقرة التلاوة
الشيخ عبدالسميع عيسى
نبذة عَن حياة القارئ اليتيم الفقير إلى ربه -الغنيّ الحميد- عبدالسميع محمد علي عيسى، وقد كتبها بخط يده، فقال: نشأت بقرية سهواج - مركز أشمون - محافظة المنوفيّة، في عام 1922 م، وتوفيّ والدي في صبيحة يوم من أيام شهر رمضان المُبارك عام 1927 م بعد أن أدخلني كُتّاب القرية بنصف عام تقريبًا، وبعد أن تعلمت القراءة والكتابة تمامًا، وفِي يوم وفاته كان مكتوبًا في لَوحِي أربعة أسماء من أسماء الله الحُسنى (المبدئ المعيد المحيي المميت) وكان شيخي الذي يعلمني شيخ القرية وهو الشيخ عبدالعزيز محمد عامر، وكانت المرحومة والدتي تكرمه كثيرًا لأنه كان يعلمني القرآن الكريم تعليمًا دقيقًا بضبط الغنن والمدود ومخارج الحروف حتى أنه لو سمعني أحد وأنا أقرأ يظن يظنّ أني مُجوَِد للقرآن الكريم.. رحم الله فضيلة الشيخ عبدالعزيز محمد عامر رحمة واسعة، آمين.
وبدأت في قراءة القرآن الكريم من قصار السور كعادة كل طفل إلى أن وصلت إلى سورة التوبة وكنت أنا وأخي عبدالعليم متساويان في الحفظ إلى أن ترك الشيخ وسافر إلى القاهرة لشهرته الطيبة لتلاوة القرآن الكريم في الحفلات والليالي، وقد سافرت أنا أيضًا إلى القاهرة لأعمل في غير حفظ القرآن، وفرحت جدًا لخروجي من الكُتّاب خصوصًا وأن الشيخ كان شديدًا في تعليمه، ولكن أحاطني الله برعايته وعنايته فرجعت إلى حفظ القرآن الكريم مِن أول سورة البقرة إلى أن وصلت إلى سورة التوبة (يعني الماضي الذي حفظته في الكُتّاب عند شيخي رحمه الله)، وبالأساس المتين الذي وضعه لي الشيخ في إتقان التلاوة استطعت أن أحفظ مِن أول سورة البقرة دون مُعلم ولا مصحح.
وفي عام 1945 م تقدمت بطلب لأعمل في قصر الملك فاروق ضمن عمال القصر، والتقيت في هذا العام بأحد الأفاضل الحافظين لكتاب الله وهو الشيخ سيد محمد سعيد (وهو من قريّة تل بني تميم) فسمعني في تلاوة القرآن الكريم وكانت هذه التلاوة من سورة الصف فِي وفاة أحد أبنائي وكان صغيرًا اسمه يحيى، فسألني هل أنت جوّدت القرآن فقلت لا، فقال أنا أجوّده لك، فاشترى لي نسختين إحداهما تحفة الأطفال والثانية الجزرية، فكنت متخوفًا مِن هذا الفنّ (أي التجويد) لكن يسره الله لي، وأعجب بي الشيخ فعلمني قراءة نافع.. وكان يرافقني في رحلة التجويد أخ كريم اسمه الشيخ حسن سيد محمد الحلو.
وزادني الله فتوحًا فمّنَّ عليّ بحفظ الشاطبية للقراءات السبع فشرحتها أيضًا على شيخي الشيخ سيد محمد سعيد، وكان قد بشرني بسمتقبل عيظم، وقد حقق الله أمنيته حتى وصلت إلى الإذاعة المصريّة، وبدأت إذاعاتي في عام 1974 م.
وفاتني أن أقول أنه حينما سمعني المسئولين في القصر الملكي كانوا يحبونني فِي قراءتي.. إلى أن وصلت إلى الإمامة والخطابة بمسجد "سيدي التبري" الكائن بقصر القبة، وكنت قد تقدمت إلى معهد القراءات وحصلت على شهادة تؤهلني لهذا العمل.
وأشكر الله تعالى لأنه أكرمني بما أكرم به نبيه محمد ﷺ (ألم يجدك يتيمًا فآوى) وقد وجدني الله ضالاً فهداني ووجدني عائلاً فأغناني فلله الحمد والشكر.. أمّا وصيتي لأولادي ولكل يتيم أن يلجأ إلى الله ليكرمه كما أكرمني.
وقد سافرت إلى دول أفريقيا وأوروبا وأمريكا وآسيا (غانا، تنزانيا، السودان، لندن، الأرجنتين، فرنسا، البرازيل، سنغافورة، هولندا، كينيا، لبنان، إيطاليا، ألمانيا، السعوديّة).. وللحديث بقيّة!
وقد رحل الشيخ قبل أن يكمل حديثه، ويُسطر لنا جانبًا آخرًا مِن حياته الحافلة بتلاوة القرآن الكريم وتعليمه، وفارق الحياة في يوم الأحد 14-11-2010 م الموافق 8 ذي الحجة 1431 هـ، في أيام العشر الأولى مِن ذي الحجة التي أقسم الله بها، فقال تعالى: "وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ".
عباقرة التلاوة
دار التراث القرآني