{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] قال مجاهد: حجارةٌ من كبريت أنتن من الجيفة يعذبون بها مع النار {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} أي هُيّئت تلك النارُ وأُرصدت للكافرين الجاحدين، ينالون فيها ألوان العذاب المهين.
ثم لما ذكر ما أعدَّه لأعدائه، عطف عليه بذكر ما أعدَّه لأوليائه، على طريقة القرآن في الجمع بين الترغيب والترهيب، للمقارنة بين حال الأبرار والفجار فقال {وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} أي وبَشِّرْ يا محمد المؤمنين المتقين، الذين كانوا في الدنيا محسنين، والذين جمعوا بين الإِيمان والعمل الصالح {أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} أي بأن لهم حدائق وبساتين ذاتِ أشجار ومساكن، تجري من تحت قصورها ومساكنها أنهار الجنة {كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً} أي كلما أعطوا عطاءً ورُزقوا رزقاً من ثمار الجنة {قَالُواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ} أي هذا مثلُ الطعام الي قُدِّم إلينا قبل هذه المرة قال المفسرون: إِن أهل الجنة يُرزقون من ثمارها، تأتيهم به الملائكة، فإِِذا قُدّم لهم مرة ثانية قالوا: هذا الذي أتيتمونا به من قبل فتقول الملائكة: كلْ يا عبد الله فاللونٌ واحدٌ والطعم مختلف قال تعالى: {وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} أي متشابهاً في الشكل والمنظر، لا في الطعم والمَخْبر قال ابن جرير: يعني في اللون والمرأة وليس يشبهه في الطعم قال ابن عباس: لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إِلا في الأسماء {وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} أي ولهم في الجنة زوجاتٌ من الحور العين مطهَّرات من الأقذار والأدناس الحسية والمعنوية قال ابن عباس: مطهَّرة من القذر والأذى وقال مجاهد: مطهَّرة من الحيض والنفاس، والغائط والبول والنخام، وورد أن نساء الدنيا المؤمنات يكنَّ يوم القيامة أجمل من الحور العين كما قال تعالى: {إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً} [الواقعة: 35 - 37] {وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أي دائمون، وهذا هو تمام السعادة، فإِنهم مع هذا النعيم في مقام أمين، يعيشون مع زوجاتهم في هناءٍ خالد لا يعتريه انقطاع.