وذلك ببيان الصحيح من السقيم ، والتنبيه على الراوي الموثوق به والراوي المقدوح فيه ، فصارت تلك الأحاديث الرائجة بطريق النقل الشفهي في النصف الثاني من القرن الأول ، متبعة بتعاليق نقدية تتصل بها ، هي التي علق بها عليها رجال النقد من أئمة الحديث.
فلما استهل القرن الثاني وبدأت العلوم الإسلامية في دور التدوين انبرى أحد الأئمة الثقاة من رجال الحديث:
وهو عبد الملك بن جريج ، المتوفى في سنة 149هـ إلى جمع تلك الأخبار ، في كتاب ، فكان أول من ألف في التفسير ، وهو ، على ثقته المشهود بها عند ابن سعد ومن بعده من علماء الرجال ، لم يتحر آثار تلك النقود ، ولكنه أورد الأقوال في تفسير القرآن على علاتها ، فعقب كل خبر بما قيل فيه من تجريح أو تعديل ، فدخل علم التفسير بذلك إلى حيّز التدوين الكتابي ، على ما كان عليه من اختلاط بين الصحيح والسقيم على قابلية كل منهما التمييز عن الآخر ، بما سبق من النقود منذ القرن الأول ، فاحتاج هذا الوضع إلى دراسة نقدية لتلك النصوص وتخريج جديد لها بأسانيدها مع الإلمام بالنواحي الثلاث التي أصبحت أخبار التفسير راجعة إليها: وهي الأثرية ، واللغوية ، والعلمية ، بحيث أصبح لكل ناحية من تلك النواحي الثلاث أثر في نقد الناحية الأخرى وتعديل ميلها ، وتلك هي الخطة التي انتهجتها كتب التفسير ابتداءً من النصف الثاني من القرن الثاني.
*****
يحيى بن سلام
كانت أول التفاسير ظهوراً في النصف الثاني من القرن الثاني بعد كتاب عبد الملك بن جريج ، التفاسير المتوخية طريقة جمع الأقوال ، بحسب ما انتهى إلى مؤلفيها من طرق الإسناد.