ما قرأت أثراً من آثار العلامة الأديب البحاثة الشيخ مجمد الفاضل عاشور إلا بلغ من نفسي أرفع منازل الإعجاب ، حتى خفت أن أكون مغالياً ، ولكني أرجع إلى القراءة معاوداً فأرى تدفقاً في المعنى ، وعلواً في الصياغة ، وغوصاً في التفكير ، فأرجع إلى موضغ الإكبار في نفسي فأجده صحيحاً لا غبار عليه.
والحق أن تجربتي معه في قراءة تآليفه الممتعة هي التي غرست في النفس هذا الإعجاب الأصيل ، فقد أتيح لي أن أكتب كتابين عن تفسير كتاب الله هما كتاب (خطوات التفسير البياني) وكتاب (التفسير القرآني) ، ورجعت إلى عدة مؤلفات معاصرة وقديمة تتصل بالتفسير ، ومن بينها كتاب (التفسير ورجاله) فراعني أن هذا الكتاب على إيجازه يغني عن الكثير من المطولات من ناحية ما تتضمن من الحقائق التاريخية الممتدة على توالي العصور ، ولكنه من الناحية الأسلوبية تفكيراً وتعبيراً وتأصيلاً لا يرتفع إلى مستواه أسلوب سابق أو لاحق إلا ما كان من أمر عبد القاهر الجرجاني في (دلائل الإعجاز).