وعلى تلك الطريقة البديعة صدرت كتبه الكثيرة الجليلة المفننة في التفسير ، والكلام ، والأصول ، والفقه ، والنحو ، والأدب ، والفلسفة ، والطب ، والهندسة ، والفلك.
فكان بدروسه ومواعظه ، ومناظراته ، وكتبه مظهراً لرقي الثقافة الإسلامية ومتانة أسسها ، وحجة قاطعة على انتصار المبادئ الإسلامية في كل ناحية من نواحي المعرفة ، اعتز الناس في حياته شرقاً وغرباً بعجيب عبقريته وشدت إليه الرحلة ، وتفنن في مديحه الشعراء ، واختص من بينهم بذلك شاعر الشام والرحالة شرف الدين بن عنين ، وقد كان من تلاميذه بمدرسة خوارزم ، وهو الذي يقول في رثائه:
ماتت به بدع تمادى عمرها
دهراً وكان ظلامها لا ينجلي
وعلا به الإسلام أرفع هضبة
ورسا سواء في الحضيض الأسفل
وقد جعل الإمام الرازي غايته من تلك المنزلة العلمية العليا ، المتساوية الدرجات بين موارد الثقافة والمعرفة: أن يضع القرآن العظيم موضع الدراسة والبحث والتحليل على منهج يرى تفوق الحكمة القرآنية على سائر الطرائق الفلسفية ، وانفرادها بهداية العقول البشرية إلى غايات الحكمة ، من طريق العصمة.