والحاشية الثانية من حواشي القرن الحادي عشر: هي حاشية العلامة المصري ، الأزهري النشأة ، شهاب الدين الخفاجي ، التي سماها: " عناية القاضي وكفاية الراضي " وهي تامة ، بخلاف حاشية عبد الحكيم ، وواسعة ، كثيرة المباحث والفوائد ، وسعت دائرة تفسير البيضاوي علماً ، أكثر مما وسعتها نقداً وبحثاً.
وإن الذي عد في كتاب كشف الظنون فقط ، من الحواشي والتعاليق على تفسير البيضاوي ، ليقرب عده من خمسين ، فضلاً عما لم يذكر فيه مما كتب بعد ، مثل الحاشيتين الهامتين: حاشية عبد الحكيم وحاشية الخفاجي.
على أن القاضي البيضاوي لم يسلم من أمر وقع فيه قبله صاحب الكشاف ، وتهاون بأمره العلماء بعد القرن الثامن: وهو عدم التحري في درجة الأحاديث التي يوردها ، معرضاً بما عليها من النقد والتزييف ، وما يتصل بها من مباحث التجريح والتعديل ، وذلك أمر أخذ عليه بحق وإن حاول صاحب كشف الظنون تخفيف أمره عليه ، فإن الشهاب الخفاجي لم يزل يعلق على حديث مما أورده البيضاوي بأنه موضوع ، وخاصة أحاديث فضائل السور ، وقد ألف المحدث الشامي الشيخ عبد الرءوف المناوي كتاباً في تخريج تلك الأحاديث: سماه " الفتح السماوي في تخريج أحاديث البيضاوي " فكان شأن البيضاوي شأن غيره من أعاظم العلماء الذين تهاونوا بذلك ، فأخذ عليهم أخذاً لم ينجهم منه تأويل المتأولين.واعتذار المعتذرين.
*****
تفسير ابن عرفة
في حين اصطبغت الدراسة في الشرق الإسلامي بصبغة البحث الشكلي ، والتحليل اللفظي واتجهت إلى صياغة التأليف والتحرير ، فولت وجهها شطرها ، واتخذت مناهج المؤلفين وعباراتهم مواضيع للبحث ومواد للتقرير.