وقد اعتنى بتدريسه والكتابة عليه من علماء تونس ، في القرن الحادي عشر والثاني عشر ، العلامة الشيخ محمد زيتونة المنستيري ، والعلامة الشيخ محمود مقديش الصفاقسي.واشتهر درس الشيخ زيتونة شهرة واسعة ، إذ كان قد تنقل بين تونس والأسكندرية والقاهرة والحرمين الشريفين ، وحرر حاشية واسعة مفننة ، متقنة المباحث ، ابتدأ بإملائها بتونس قبل سفره إلى المشرق ، وواصل تحريرها وهو مقيم بمكة المكرمة ثم لما عاد إلى تونس حررها وسبكها وبيضها بإملائه.
فكانت أثراً قيماً من آثار النشاط في العلم ، والرقي في انتاجه ، بالبلاد التونسية في ذلك العصر ، وبرهاناً على ما تكون للبلاد التونسية في العهد العثماني من ارتباط لمناهجها بالمناهج الأعجمية ، زال به ما كان بين المشرق والمغرب من الاختلاف.
*****
الآلوسي
ظهور الشهاب الآلوسي
كان القرن التاسع ، قرن ابتداء تقارب المناهج في البلاد الإسلامية في التدريس والتأليف.وكان لقيام الخلافة العثمانية ، وإقامتها جسر التواصل بين المشرق والمغرب ، تأثير في ذلك أي تأثير.
ومنذ ازدهرت الحضارة العثمانية ، بطابعها ذي الصورة الجامعة في عاصمة الخلافة ، بل عاصمة الانبعاث مدينة قسطنطينية العظمى ، حصل في تلك المدينة من توافر المنشطات ، واجتماع الكتب ، وتلاقي العلماء ، وتلاقح الطرائق ، فأكد الصلة التي انعقدت بين المناهج ، وزكى الأثر الحاصل من زوال الفوارق: تأكيداً وتزكية ملآ حافتي البسفور ، بين مرمرة وقرن الذهب ، ثم فاض على البلاد التي ارتبطت سياسياً ، وتعلقت روحياً بالسلطنة العثمانية ، من أواسط آسيا إلى المغرب الأقصى.