وهنالك ابتدأ ينتهج النهج الذي رآه الموصل إلى تحقيق حالة إسعاد المسلمين والإسلام ، وهو منهج تقرير العقيدة الدينية وتفسير القرآن تقريراً وتفسيراً يتجردان عما ربط به كل منهما: من الطرائق الملتزمة ، والأنظار غير المسلمة.
فابتدأ في الجامع العمري ببيروت يعقد مجلساً للتفسير ، ثلاث ليال في الأسبوع ، لا يتبع فيه الطريقة الملتزمة يومئذ من الاعتماد على كتاب يقرر كلامه ويدور البحث حول مسائله وعباراته ، ولكنه كان يقرأ الآية من القرآن ويفيض في شرح معانيها ، واستخراج أسرار حكمتها ، على طريقة لم يسبق إليها ، ويلتفت على نور تلك الحكمة القرآنية ، إلى أحوال المسلمين وأوضاعهم مبيناً فسادها بالمقارنة ، ومستمداً من الهدى القرآني ما يوضح ضررها ، ويشير إلى ما يدفع خطرها.
وبذلك أبرز للعيان صورة من العلم الديني اختلفت عن الصورة المألوفة عندهم التي عكف الناس عليها منذ قرون.واطرد سيره على ذلك المنهج في ما ألقى في بيروت من دروس أهمها درس العقيدة الذي كان يلقيه بالمدرسة السلطانية ، والذي كانت خلاصته ما برز في وضع عجيب يعتبر ابتداء مرحلة جديدة في تاريخ الفكر الإسلامي.وهو (رسالة التوحيد).