ثانيها: لعل الشيخ رأى أن ذكر بعض التفاسير يغني عن ذكر البعض الأخر ، وهذا قوي جداً ، حيث أن الناظر في الكتاب يلاحظ أنه استوعب أو كاد ، المناهج المختلفة في التفسير ، فالظن أن الشيخ رأى أنه باقتصاره على تلك الثلة من المفسرين سيحيط بمختلف المناهج التفسيرية ، فلا داعي لذكر غيرهم ، كما يلاحظ أن أصحاب التفاسير المختارة من أزمنة مختلفة ، والواضح أن الشيخ أراد أن يمر على التفسير عبر عصور الإسلام ، فاختار لكل عصر مفسراً واحداً يمثله ــ في رأي الشيخ ــ ، وبالتالي أعرض عن ذكر كثير من المفسرين.
ثالثها: أن الكتاب جاء موجز ، فلو تعرض الشيخ لذكر ما سبق من تفاسير لضخُم حجم الكتاب ، والظن أن الشيخ كان يقصد إلى الإيجاز.
رابعها: لعله كان للشيخ منهجاً وخطة في اختيار التفاسير محل البحث مما جعله يسقط بعض التفاسير ، فالناظر في التفاسير التي اختارها الشيخ يجد أن أغلبها لم يقتصر على علم التفسير فقط ، بل تعداه إلى علوم أخرى ، فلعل الشيخ كان يقصد إلى التفاسير التي جمعت بين أكثر من علم ، كما يُلاحظ أيضاً أن التفاسير المختارة إما أنها كانت ذائعة الصيت في زمنها ، وتجاوزت شهرتها بلدها ، وكثُر من أهل العلم مدحها كتفسير الطبري أو قدحها كتفسير الزمخشري ، وإما أنها لم تكن معروفة فأراد الشيخ أن يُعرف بها كتفسير يحيى بن سلام وتفسير ابن عرفة ؛ والله أعلم.
وأياً كان السبب في عدم ذكر كثير من التفاسير في الكتاب ، فالكتاب ــ حقاً ــ يستحق القراءة المتعمقة المتأنية ، فبالرغم من سهولة وصول المعلومة إلى الذهن إلا أنك تجد أن الفقرة الواحدة قد تمدك بأكثر من معلومة ، وتفجر في داخلك أكثر من فكرة ، فلهذا أقول أن الكتاب يستحق دراسة ، وفوق ذلك فهو كتاب يستحق التقدير أدبياً وعلمياً ، كما يستحقه مؤلفه الشيخ الفاضل ، الذي أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر له ويرحمه ويتجاوز عن سيئاته إنه هو الغفور الرحيم.