اللغَة: {مِيثَاقَكُمْ} الميثاق: العهد المؤكد بيمين ونحوه، والمراد به هنا العمل بأحكام التوراة {الطور} هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى عليه السلام {بِقُوَّةٍ} بحزمٍ وعزم {تَوَلَّيْتُمْ} التولي: الإِعراض عن الشيء والإِدبار عنه {خَاسِئِينَ} جمع خاسئ وهو الذليل المهين قال أهل اللغة: الخاسئ: الصاغر المبعد المطرود كالكلب إِذا دنا من الناس قيل له: اخسأ أي تباعد وانطرد صاغراً. {نَكَالاً} النكال: العقوبة الشديدة الزاجرة ولا يقال لكل عقوبة نكالٌ حتى تكون زاجرة رادعة.
التفِسير: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} أي اذكروا يا بني إِسرائيل حين أخذنا منكم العهد المؤكد على العمل بما في التوراة {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطور} أي نتفناه حتى أصبح كالظلة فوقكم وقلنا لكم {خُذُواْ مَآ ءاتيناكم بِقُوَّةٍ} أي اعملوا بما في التوراة بجد وعزيمة {واذكروا مَا فِيهِ} أي احفظوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي لتتقوا الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة، أو رجاء منكم أن تكونوا من فريق المتقين {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذلك} أأعرضتم عن الميثاق بعد أخذه {فَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ} أي بقبول التوبة {وَرَحْمَتُهُ} بالعفو عن الزلة {لَكُنْتُم مِّنَ الخاسرين} أي لكنتم من الهالكين في الدنيا والآخرة {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الذين اعتدوا مِنْكُمْ فِي السبت} أي عرفتم ما فعلنا بمن عصى أمرنا حين خالفوا واصطادوا يوم السبت وقد نهيناهم عن ذلك {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} أي مسخناهم قردة بعد أن كانوا بشراً مع الذلة والإِهانة {فَجَعَلْنَاهَا} أي المسخة {نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} أي عقوبة زاجرة لمن يأتي بعدها من الأمم {وَمَا خَلْفَهَا} أي جعلنا مسخهم قردة عبرة لمن شهدها
