***
قيمة تفسير البيضاوي
اعتبر تفسير البيضاوي ، مبلغ المنهج العلمي في تفسير القرآن ، إلى ذروته.
فكان بروزه عندما اكتمل نمو الثقافة الإسلامية ، وتفتقت فيها أفانين المعرفة ، وتفتحت أزهارها.
وكان انبناؤه على أساس الحكمة السنية الأشعرية ، التي ثبت أصلها ، ورسخت دعائمها ، بما بوأ لها الباقلاني ، والإسفرايني ، وإمام الحرمين ، والغزالي ، والمازري ، وابن العربي ، وعياض ، والإمام الرازي: من منزلة مكينة تساقطت دونها منازل المناهج الكلامية المخالفة ، حتى اندرجت تحت التراب.
وكان المنهج المتبع في تصنيف البيضاوي ، والأسلوب المحتذى في تحريره: هما المنهج والأسلوب اللذين جرى عليهما مصطلح التآليف العلمية في عامة الفنون ، من أول القرن السابع: من حيث الاختصار ، ودقة التعبير ، والتزام المصطلح العلمي ، والإشارة إلى ما يتفرع عن التعبير من معان يُكتفى بحضورها في الذهن عن ذكرها ، ثم تؤخذ مباني لما يأتي به التعبير بعدها..
فأصبح من مجموع هذه الخصائص لتفسير البيضاوي ميزة واضحة ، مزجت بين طريقته ومألوف الطباع ، ومتعلق الميول يومئذ: من طرائق شاعت في التأليف ، وبنيت عليها المناهج الدراسية.