ولقد اضطلع شيخ الإسلام أبو السعود عهداً طويلاً بالتدريس في برصى ، وقسطنطينية ، وعواصم أخرى من البلادالتركية ، ولم ينقطع عن التدريس حتى في ولايته قضاء العسكر وتنقله مع السلطان سليمان في فتوحه العظمى بآسيا وأوروبا ، فقد كان عند منازلته مع الجيش ــ بقيادة السلطان سليمان القانوني ــ قلعة بلغراد يدرس لبعض ملازميه من الطلبة سورة الفتح بتفسير الكشاف ، ويملي عليه حاشيته ، وكانت عناية أبي السعود بالتدريس والتقرير ، على الطريقة الأعجمية ، تحبب إليه أن يخرج تفسيراً متناسباً مع خصائص تلك الطريقة التدريسية مثل تفسير البيضاوي ، يكون قد رد على البيضاوي ما تركه من مباحث الكشاف ، وأضاف إليه نتائج البحوث الجديدة التي تعلقت بهما ، وخلاصة الآراء المبتكرة التي تبدو له في مواضع من التفسير ، فأخرج على هذا المنوال تفسيره الذي سار ذكره وعظمت شهرته وهو التفسير الذي سماه " إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب العظيم ".
وقد غلب اشتهاره بالإضافة إلى اسم مؤلفه فعرف غالباً تفسير أبي السعود.