وإذا كان هذا الكتاب قد اختص بأعلام النهضة الفكرية أدباً وعلماً فحسب ، فإن كتاب (تراجم الأعلام) قد جمع إليهم رجال السياسة لتكتمل أضلاع المثلث دون نقص ، وقد عرفت أن بعض الفضلاء من أمثال الأستاذين أحمد بن أبي الضياف ومحمد السنوسي وغيرهما قد كتبوا نبذاً شتى عن بعض الأعلام ، لكن صنيع الشيخ الفاضل قد جاوز الإيجاز إلى الإطناب في كثير من المواقف ، كما تتضمن تحليلاً كاشفاً يفصح عن الأسباب الداعية ، والنتائج المحتومة ، وهذا مما تكلف له الكثير من العناء ، وقد كرر بعض التراجم في كتابيه هذين ، وكأنه رأى أن يضيف الجديد إلى القديم حين عاود الكتابة ، أو رأى أن شخصية كخير الدين ، وسالم أبي حاجب ، ومحمد السنوسي ، تحتاج إلى مواصلة البحث ومعاودته ، وحسناً فعل ، ومما يشدني في هذه التراجم الزاهية افتتاحياتها التي تصور جواً فكرياً خاصاً بالمتحدث عنه ، فتلفت القارئ إلى أن شيئاً هاماً سيقال ، فهو مثلاً يفتتح حديثه عن الشيخ محمد السنوسي بقوله (¬1) :
¬__________
(¬1) 1 أركان النهضة الأدبية بتونس ، ص48.