وقد كان البخاري على وجه التقريب معاصراً للطبري ، ورأينا في حديثنا الماضي أنهما اشتركا في كثير من الشيوخ ، فجعل البخاري أساس عمله في التفسير: اللغة بتحقيق معاني الألفاظ المحتاجة إلى بيان ، وضبط مراجع اشتقاقها ، ومواقع استعمالها ، وتحري ما هو مأثور عن الصحابة ، أو مرفوع للنبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ : من قول في معاني الآيات يجعله معلقاً على الثبوت من طرق ثبوت الحديث عنده ، بشروطه الضيقة الدقيقة في المتن والإسناد.فإن ورد بذلك الطريق التزمه وحدث به بأسانيده ، وإلا أبقاه على تعليقه غير ملتزم الأخذ به ، كما فعل ذلك بالنسبة إلى أخبار السنة ، وإن كان عمله هذا في أخبار التفسير أوسع.
وقد ألف على هذا المنهج تأليفاً مستقلاً سماه (التفسير الكبير) لم يصل إلينا ، ولا إلى أهل القرون التي مرت قبلنا ، وقد ذكره صاحب كشف الظنون ، وأسند ذكره إلى صاحب البخاري الإمام محمد بن يوسف الفربري.