فلذلك كان تفسير الزمخشري في المواطن الكثيرة التي يختلف فيها وجه تخريج الآية عند المعتزلة عنه عند السنيين التزاماً دفاعياً ، وكان تفسير ابن عطية في تلك المواطن نقدياً هجومياً ، فكان يمثل صولة الغالب العتيد على المنهزم المتراجع ، ولقد قوي هذا في تفسير ابن عطية بما أضيف إليه من عاملي قوة بيانية يرجعان إلى شبابه وعروبته.فإن الشباب أفاده قريحة متقدة ونظرة حادة يتناول بهما موضوعه في قوة وسرعة ومتانة إلمام فيأتي بيانه محبوكاً منسجماً.
والعروبة أفادته طبعاً أصيلاً ، وسليقة صافية ففاض بيانه قوياً هتافاً سائغاً سلساً.ولما اختلف عنه الزمخشري بالشيخوخة والعجمة فإن أسلوبه البياني قد جاء متثاقلاً مفككاً ، ومواضعه متفاوتة ، وتعبيره ثقيلاً كزاً ، ترهقه كلفة الصناعة ، مع نبوة الطبع.