*****
الإمام الرازي
إن الغلو الذي تورط فيه المعتزلة ، حين أفرطوا في اعتماد الحكمة اليونانية والاعتداد بها ، فعاملوها معاملة المعارف اليقينية ، وأخذوها أخذ الحقائق القارة ، مع أنها ليست إلا نظريات افتراضية ، وأحكاماً متغيرة ، ومذاهب متباينة متناقضة ، وقد كان غلواً له أثر سئ في حياة الثقافة الإسلامية في القرنين الثاني والثالث.فقد كان غلو المعتزلة في الاعتداد بحكمة القدماء ، حاملاً لحملة السنة ، وفقهاء الشريعة على أن يزوروا عن تلك الحكمة وعن أهلها وأن يجنبوا القرآن والدين ما استطاعوا ، المساس بها وبهم ، فانحاز الدين جانباً ، وانحازت الحكمة جانباً آخر.
وتقابلت العصبية ، وثبت الدين مكانه والحكمة مكانها فلم يكن ذلك سامحاً للعلوم الحكمية بأن تتطور وتتقدم ، ولا للمعارف الدينية بأن تتفتق وتتوسع.