ولما كان سبق المعتزلة إلى تعاطي التفسير على الطريقة البلاغية الإعجازية ، قد صبغ ، إلى حد ما ، منهج التفسير العلمي بصبغة الاعتزال ، وأقام الفارق بين التفسير العلمي والتفسير الأثري.
فإن انكسار حدة المعتزلة في القرن الرابع ، بظهور الإمام الأشعري ، وتضعضع حكمتهم المختلطة بانتصار الحكمة الصافية الناصعة الممحصة ، التي أقام الأشعري قواعدها ، وظهور التفاسير العلمية على ذلك المنهج السني ، كل ذلك قد هدأ من روع الفكر الإسلامي ، وألف قلوب النافرين من أهل الفقه والحديث والتصوف فبدأ ظنهم يحسن بالحكمة وأهلها.
وبدأت روح الخوف والإشفاق تضعف فيهم ، واطمأن أهل كل فن إلى ما بين يدي أهل الفن الآخر من خبرة فتمازجت العلوم تمازجاً عضوياً.
وأصبح كل منها عنصراً مقوماً لوحدة ذلك الكيف الفكري ، الجديد باجتماع خصائصه الروحية والعقلية والمادية ، أعني الثقافة الإسلامية.