محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس
أخبرنا الله تعالى بأن اسم محمد صلى الله عليه وسلم موجود في الكتاب المقدس، فهل من إشارات لذلك؟.... |
يقول تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) [الرعد: 43]. في هذه الآية إشارة إلى أن من عنده علم الكتب من اليهود والنصارى يعرفون أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول مرسل من الله، وقد ورد اسمه وصفته في كتبهم السابقة، ولكن كيف ذلك؟
جاء في الإصحاح السادس عشر وعد بنبيّ كلامه أحسن الكلام: (كلامه أحسن الكلام، إنه محمد العظيم)، ولكن مفسري الكتاب المقدس قالوا إن كلمة (محمد) جاءت هنا صفة بمعنى (محمود) وليست اسماً لنبيّ!
ولكن سبحان الله في نص آخر من الكتاب المقدس نجد خطاب الله لسيدنا موسى: (وأقيم لهم نبياً مثلَك)، فقالوا هذا النص يبشّر بقدوم المسيح، ولكن المسيح حسب زعمهم هو "إله" وليس نبياً!! إذاً هذا النص لا يقصد المسيح لأنه وُلد من غير أب، بينما سيدنا موسى ولد من أب، ولذلك فإن المنطق يفرض علينا أن نعتقد بأن هذا النص يتحدث عن محمد صلى الله عليه وسلم، فهو محمد وهو محمود وهو نبيّ!
وسبحان الله نرى التناقض في هذه التفاسير، فإذا كان المقصود هو المسيح، فلماذا يقولون هو "إله"؟ إن هذه النصوص تنطق بالحق وتشهد على صدق رسالة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.
طالما نظرتُ إلى الكتاب المقدس على أنه كتاب محرَّف مئة بالمئة، ولا توجد فيه عبارة واحدة صحيحة! وعلى هذا الأساس كنتُ لا أقتنع بما يقوم به بعض العلماء من استدلال بالكتاب المقدس أو الاستشهاد بنصوصه، فإذا كان الكتاب محرَّفاً ما هي الفائدة من دراسته أو الاستشهاد به.
لقد حدّد لنا الله تعالى القاعدة التي نعرف بها أن هذا الكتاب محرف أم لا! فالقرآن يحدثنا عن حقيقة ألا وهي أن أي كتاب من صنع البشر لابد أن نجد فيه الاختلافات والتناقضات، ولذلك قال تعالى عن القرآن: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82]. فهذه الآية تقرر أن الكتاب الوحيد في الكون الذي لا يحوي أي تناقض هو القرآن، وأن جميع الكتب التي أنزلها الله تعالى مثل التوراة والإنجيل، جميعها أيضاً لا تحوي أي تناقض ولكن قبل أن يتم تحريفها، فهي اليوم محرفة ولذلك إذا بحثنا فيها وجدنا التناقضات واضحة جلية في كل نص من نصوصها.
ولكن هل يمنع ذلك أن نجد في هذه الكتب المحرفة بعض الحق؟ وهل هي محرفة بالكامل أم لا يزال فيها بعض الإشارات التي بقيت لتؤكد صدق القرآن؟
هذا ما تأكدتُ منه بالفعل عندما سمعتُ آية عظيمة من كتاب الله تعالى، وكأنني أسمعها للمرة الأولى، لنكتب النص كاملاً ونتأمل: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ * وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) [الأعراف: 156-159].
الذي لفت انتباهي أن النص القرآني يتحدث عن سيدنا موسى عليه السلام، وكيف كانت قصته مع فرعون والسحرة ومن ثم كيف كانت قصته مع بني إسرائيل، وفي وسط هذا النص وبشكل مفاجئ يأتي ذكر النبي الأمي عليه الصلاة والسلام، ويأتي التأكيد الإلهي بأنهم سيجدون هذا النبي مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل أي الكتاب المقدس، والسؤال: ماذا يعني ذلك؟
وهل هناك علاقة بين سيدنا موسى وسيدنا محمد؟ وهل بالفعل إذا فتشنا في الكتاب المقدس سوف نجد إشارة للنبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم؟ وهل هذه الإشارة موجودة اليوم على الرغم من تحريف هذا الكتاب؟
عندما سمعتُ قوله تعالى: (الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) أدركتُ أن كلام الله تعالى هو الحق، ومادام الله هو من أخبرنا بذلك فلا بد أن نجد إشارة في الكتاب المقدس باقية إلى يومنا هذا تثبت أن النبي محمد مكتوب في الكتاب المقدس، فالقرآن صالح لكل زمان ومكان وبما أن الله تعالى قال: (يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ) فلابد أن يجدونه بالفعل مكتوباً عندهم سواء في الماضي أو الحاضر.
وهذا ما وجدتُه بالفعل بعدما قرأتُ الكتاب المقدس قراءة معمقة من جهة وقرأتُ ما كتبه بعض علماء المسلمين حول هذه الإشارات، وسوف أبث لكم أحبتي هذه الإشارات بشيء من التبسيط والتحليل العلمي، لندرك أن القرآن هو الحق وأن البشر مهما حاولوا تحريف الكتاب المقدس فسوف تبقى هذه الإشارات موجودة وشاهدة على صدق هذا النبي الأمي عليه الصلاة والسلام.
إذا ما قرأنا التوراة المحرَّفة وتأملنا قصة نبينا موسى عليه السلام، فهل يمكن أن نجد في وسطها (كما في القرآن) إشارة مفاجئة لذكر نبي يأتي من بعد موسى؟ في سفر التثنية تُذكر قصة موسى عليه السلام، وأثناء هذه القصة يأتي بالفعل ذكر نبي سيأتي بعد موسى يكون مثل موسى، جاء في العهد القديم: (يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ. 16حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاجْتِمَاعِ قَائِلاً: لاَ أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي وَلاَ أَرَى هذِهِ النَّارَ الْعَظِيمَةَ أَيْضًا لِئَلاَّ أَمُوتَ. 17قَالَ لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلَّمُوا. 18أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. 19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ لِكَلاَمِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ. 20وَأَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي يُطْغِي، فَيَتَكَلَّمُ بِاسْمِي كَلاَمًا لَمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَيَمُوتُ ذلِكَ النَّبِيُّ. 21وَإِنْ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الْكَلاَمَ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحْدُثْ وَلَمْ يَصِرْ، فَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ، بَلْ بِطُغْيَانٍ تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ، فَلاَ تَخَفْ مِنْهُ) [سفر التثنية، الإصحاح 18: 15-22].
تأملوا معي أيها الأحبة كيف يأتي الحديث عن نبي بعد موسى، طبعاً هذا الكلام جاء على لسان موسى يبلغ قومه رسالة من الله، فيقول لهم (أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ) ومعنى هذا الكلام أن الله سيقيم نبياً بعد موسى يكون مثله ويجعل كلامه في فم هذا النبي، أي هذا النبي ينطق بكلام من عند الله، والسؤال: من هو هذا النبي الذي يشبه موسى، ويتكلم بكلام الله تعالى؟ لنعدد صفات هذا النبي كما جاءت في هذا النص التوراتي:
1- هذا النبي هو من إخوة إسحق أي من نسل إسماعيل عليه السلام: (مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ) والمخاطب هنا بني إسرائيل، وإخوتهم هم بنو إسماعيل عليه السلام. وهذا دليل على أن النبي ينبغي أن يكون من بني إسماعيل.
2- هذا النبي يجب أن يكون مثل موسى عليه السلام بدليل كلمة (مِثْلَكَ)، أي أنه نبي صاحب شريعة، وينزل الله عليه كتاباً.
3- هذا النبي سوف يتكلم بكلام الله: (وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ).
4- كل ما يتكلم به هذا النبي سيحدث، وإذا لم يحدث فهذا دليل على أن هذا النبي كاذب: (فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحْدُثْ وَلَمْ يَصِرْ، فَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ)، أي أن الكلام الذي سيتحدث به هذا النبي إذا لم يحدث ويتحقق فهذا يدل على أنه ليس كلام الله تعالى.
5- هذا النبي سوف يبلغ قومه كل ما يوحى إليه من وصايا وأحكام وتشريعات وقصص، ولن يكتم أي شيء أوصاه الله به: (فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ).
6- لقد ورد التأكيد على هذا النبي مرتين:
- (يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي).
- (أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ).
وتأملوا التأكيد على أن هذا النبي سيكون من إخوة بني إسرائيل (مِنْ إِخْوَتِكَ، مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ) (أي أبناء إسماعيل)، وكذلك التأكيد على أن هذا النبي المنتظر سيكون مثل موسى (مِثْلِي، مِثْلَكَ).
والسؤال الآن: من هو النبي المشار إليه في هذا النص؟ هل هو المسيح عليه السلام كما يدعون، أم هو محمد صلى الله عليه وسلم؟
1- إن المسيح لا يشبه موسى في كثير من النواحي، فهو لم يأت بشريعة جديدة، بل جاء بالإنجيل الذي هو متمم للتوراة، وقد أكد المسيح على أنه لم يأت لينقض الناموس بل ليتمم (كما في الكتاب المقدس).
2- المسيح ليس له أب بل نفخ الله من روحه في سيدتنا مريم عليها السلام، ولذلك فإن ولادة موسى وولادة المسيح مختلفتان تماماً.
3- المسيح تكلم في المهد وموسى لم يتكلم، والمسيح كان يحيي الموتى ويشفي الأعمى والأبكم والأصم، أما موسى فقد كانت معجزته العصا.
4- يدعي النصارى أن المسيح هو ابن الله، فكيف يكون شبيهاً من وجهة نظرهم بسيدنا موسى الذي يعتبرونه نبياً؟
5- ثم إن المسيح عليه السلام لم يكن من بني إسماعيل، بل أرسله الله لبني إسرائيل، أما محمد فهو من نسل إسماعيل وأرسله الله للعرب وللناس كافة.
6- محمد وموسى كلاهما تزوج وكلاهما رعى الغنم، وموسى أرسله الله لفرعون وقومه ومحمد أرسله الله لأبي لهب وقومه.
7- موسى جاء بالتوراة ومحمد جاء بالقرآن.
8- وأخيراً هناك فارق كبير جداً من وجهة نظر الكتاب المقدس، فالمسيح هو إله ولم يتزوج وليس له أب وقد صُلب وقام (كما يدعون)، أما موسى فهو ليس إلهاً وتزوج وله أب ولم يُصلب، إذن لو تعاملنا بهذا المنطق، أين وجه الشبه بين موسى والمسيح كما يدَّعون؟؟!
ولذلك فإن قولهم إن النبي الذي أشار إليه النص التوراتي هو المسيح هذا القول لا يستند إلى أي دليل، بل هو مخالف للحقيقة. أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان مثل موسى عليه السلام، فهو صاحب شريعة، وهو بلَّغنا كلام الله تعالى، وجاء بمعجزات، وكل ما تحدث به تحقق.
جاء في الكتاب المقدس إشارة رائعة إلى نبي يشبه موسى يرسله الله لأبناء إسماعيل، ويتكلم بكلام الله: (أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ).
وعلى سبيل المثال عندما كان محمد صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة وكان المسلمون في أضعف مراحل حياتهم، أخبرهم بأن الإسلام سينتشر في كل مكان فقال: (سيبلغ هذا الأمر – أي الإسلام - ما بلغ الليل والنهار)، والسؤال: هل تحقق هذا الكلام؟ هل انتشر الإسلام في كل مكان على وجه الأرض؟ تقول الإحصائيات الحديثة والموثوقة: إن الإسلام هو الدين الأكثر انتشاراً والأسرع نمواً على مستوى العالم، فهو الدين الوحيد الذي ينتشر في كل دول العالم، وسيكون الإسلام هو الدين الأول عام 2025 وتكون نسبة المسلمين في العالم بحدود30% بينما نسبة المسيحيين لن تتجاوز 25%. وذلك حسب المرجع البريطاني (Sato Tsugitaka, Muslim Societies, Routledge,UK, 2004).
إن النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم جاءنا برسالة من عند الله، وكل كلمة في القرآن هي كلام الله، فلنفرض أنه كان كاذباً، فهل يعقل أن تستمر دعوته وكذبه –حاش لله- أربعة عشر قرناً وينتشر دينه بهذا الشكل الكبير؟ هل هناك رجل في التاريخ كله افترى على الله كذباً وادعى أنه رسول من عند الله وجاء بكلام يدعي أنه من عند الله، هل يوجد مثل هذا الرجل في التاريخ تستمر دعوته، أم أن الله يظهر كذبه؟
أليس الكتاب المقدس هو الذي يقول: (وَأَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي يُطْغِي، فَيَتَكَلَّمُ بِاسْمِي كَلاَمًا لَمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَيَمُوتُ ذلِكَ النَّبِيُّ)، هل مات النبي محمد وانتهى ذكره أم أن ذكره لا زال باقياً بعد وفاته إلى يوم القيامة؟ إذن منطق الكتاب المقدس يؤكد أن النبي الكاذب لن يستمر ولن تنتشر دعوته، وبما أن محمداً صلى الله عليه وسلم يعيش في قلب كل مسلم حتى يومنا هذا، فهذا دليل من الكتاب المقدس نفسه على صدق رسالة محمد إلى الناس جميعاً!
وقد جاء هذا النبي بكلام مشابه من عند الله: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف: 9]. والسؤال: هل ظهر دين الإسلام وانتشر وأصبح الديانة الأكثر انتشاراً في العالم أم لا؟ إذن كل ما حدَّث به النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم تحقق بالكامل، إذن حسب منطق الكتاب المقدس يمكننا القول وبثقة تامة إن النبي محمد هو النبي الذي أشار إليه الكتاب المقدس في النص السابق.
ومن حكمة الله تعالى أن الذين حرفوا الكتاب المقدس لم ينتبهوا لهذه العبارة، ولم يدركوا الإشارة الخفية التي تحملها، ولذلك لم يخطر ببال أحدهم أن هذه الإشارة ستكون حجة عليهم واعترافاً منهم بأن محمداً رسول الله وهم لا يشعرون!!!
وصدق الله عندما يقول: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) [الأعراف: 158].
ــــــــــــ
المراجع
- القرآن الكريم.
- الكتاب المقدس.
- بحث البشارات للشيخ الزنداني.
- مناظرات الشيخ أحمد ديدات.
CAIR (Council on American-Islamic relations) (1999).
Sato Tsugitaka, Muslim Societies, Routledge,UK, 2004.
Britannica Yearbook, 1997