وكان لنزعة الصوفية على تربيته النفسية وتكوينه الفكري أثر بعيد ، وكان قد صادف أوائل عهد النشأة العلمية للشهاب الآلوسي ظهور حركة صوفية في بغداد بعيدة المدى في أطراف العالم الإسلامي ، أساسية التأثير فيما كنا بصدده من بيان شأن العنصر الصوفي في تقويم البيئة العلمية السنية ، وشأن السلطنة العثمانية في إنشاء تلك البيئة والاستناد إليها.
وذلك أن المجتمع الكردي في شمال البلاد العراقية كان قد دفع إلى بغداد في سنة 1226هـ رجلاً مكتمل الشباب سنياً شافعياً ، تام الملكة العلمية ، ضليعاً في الحكمة ، سالكاً مسلك الزهد والتجرد منقطعاً للتعبد ، مضطلعاً بالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر.
كان قد ساح سياحة واسعة بالحرمين الشريفين ، والبلاد الشامية وبلاد إيران ، وأفغانستان.
ثم انتهى إلى القارة الهندية وانتسب هنالك إلى طريقة صوفية ، كان لها في القرن الحادي عشر ثم القرن الثاني عشر في الهند شأن عظيم ، وهي الطريقة النقشبندية التي انتشرت انتشاراً واسعاً هناك بأثر الشيخ أحمد الفاروقي السرهندي المشهور بـ" مجدد الألف الثاني " والذي من أجل شهرته تلك أصبحت الطريقة النقشبندية المنسوبة إليه تعرف بالطريقة المجددية ، وتمتاز الأسر المنتسبة إليه في الهند وأفغانستان بلقب " المجددي ".
أقام الشيخ الكردي الوافد على بغداد في الزاوية القادرية خمسة أشهر اشتهر فيها ذكره ، وملأ اسمه المعاهد والمنازل.