التفسير الميسر
( 70 ) قال بنو إسرائيل لموسى : ادع لنا ربك يوضح لنا صفات أخرى غير ما سبق ؛ لأن البقر - بهذه الصفات - كثير فاشْتَبَهَ علينا ماذا نختار؟ وإننا - إن شاء الله - لمهتدون إلى البقرة المأمور بذبحها .
( 71 ) قال لهم موسى : إن الله يقول : إنها بقرة غير مذللة للعمل في حراثة الأرض للزراعة ، وغير معدة للسقي من الساقية ، وخالية من العيوب جميعها ، وليس فيها علامة من لون غير لون جلدها . قالوا : الآن جئت بحقيقة وصف البقرة ، فاضطروا إلى ذبحها بعد طول المراوغة ، وقد قاربوا ألا يفعلوا ذلك لعنادهم . وهكذا شددوا فشدَّد الله عليهم .
( 72 ) واذكروا إذ قتلتم نفسًا فتنازعتم بشأنها ، كلٌّ يدفع عن نفسه تهمة القتل ، والله مخرج ما كنتم تخفون مِن قَتْل القتيل .
( 73 ) فقلنا : اضربوا القتيل بجزء من هذه البقرة المذبوحة ، فإن الله سيبعثه حيًا ، ويخبركم عن قاتله . فضربوه ببعضها فأحياه الله وأخبر بقاتله . كذلك يُحيي الله الموتى يوم القيامة ، ويريكم - يا بني إسرائيل - معجزاته الدالة على كمال قدرته تعالى ؛ لكي تتفكروا بعقولكم ، فتمتنعوا عن معاصيه .
( 74 ) ولكنكم لم تنتفعوا بذلك ؛ إذ بعد كل هذه المعجزات الخارقة اشتدت قلوبكم وغلظت ، فلم يَنْفُذ إليها خير ، ولم تَلِنْ أمام الآيات الباهرة التي أريتكموها ، حتى صارت قلوبكم مثل الحجارة الصمَّاء ، بل هي أشد منها غلظة ؛ لأن من الحجارة ما يتسع وينفرج حتى تنصبَّ منه المياه صبًا ، فتصير أنهارًا جاريةً ، ومن الحجارة ما يتصدع فينشق ، فتخرج منه العيون والينابيع ، ومن الحجارة ما يسقط من أعالي الجبال مِن خشية الله تعالى وتعظيمه . وما الله بغافل عما تعملون .
( 75 ) أيها المسلمون أنسيتم أفعال بني إسرائيل ، فطمعت نفوسكم أن يصدِّق اليهودُ بدينكم ؟ وقد كان علماؤهم يسمعون كلام الله من التوراة ، ثم يحرفونه بِصَرْفِه إلى غير معناه الصحيح بعد ما عقلوا حقيقته ، أو بتحريف ألفاظه ، وهم يعلمون أنهم يحرفون كلام رب العالمين عمدًا وكذبًا .
( 76 ) هؤلاء اليهود إذا لقوا الذين آمنوا قالوا بلسانهم : آمنَّا بدينكم ورسولكم المبشَّر به في التوراة ، وإذا خلا بعض هؤلاء المنافقين من اليهود إلى بعض قالوا في إنكار : أتحدِّثون المؤمنين بما بيَّن الله لكم في التوراة من أمر محمد ؛ لتكون لهم الحجة عليكم عند ربكم يوم القيامة ؟ أفلا تفقهون فتحذروا ؟
واﻵن مع الفيديو ..